Professor Dr Helmi Al Hajjar, Attorney at law
- Litigation, legal consultation and arbitration.
- Legal advice and services in the field of real estate, financial, commercial civil and administrative contracts and in the preparation of case memorandums for submission to the court of cassation under both Lebanese and UAE laws.
- Over 25 years of experience as a practicing lawyer through his own firm in Beirut, Lebanon in addition to his experience as a judge in Lebanon for 17 years and a judge in the commercial chamber in the court of cassation in Abu Dhabi.
- Professor at the higher institute of Legal studies at the faculty of law and political and administrative sciences at the Lebanese University in Beirut.
- Registered arbitrator at the Abu Dhabi Commercial Conciliation and Arbitration Center
Address: Madame Curie Street - Next to Atlantis - Inaam Building - 6th Floor North 
Mobile: + 961 3 788848, Landline: +961 1 788889
Email: hajjar.legal@gmail.com, emihajja43@gmail.com         

Back

محاماة واستشارات قانونية

أبحاث ومقالات

ملاحظات قانونية حول انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية - في القانون العام

الدكتور حلمي محمد الحجار
30/11/2007  //  جريدة النهار


أعلن النائب عمار حوري، باسم كتلة المستقبل النيابية، يوم الأربعاء الواقع فيه 28/11/2008، طرح اسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي لانتخابات رئاسة الجمهورية، وعلق النائب العماد ميشال عون على ذلك بنوع من التحفظ قائلاً « ليتخطوا تناقضاتهم ويستشيروا المرجعيات القانونية حول تعديل الدستور، ومن ثم نعلق» كما        قال« فليتقدموا بمشروع تعديل الدستور في البرلمان ثم نعلق»
    كما أعلن النائب محمد فنيش « ان الأمر يتطلب حلاً سياسياً يتمثل في موافقة العماد عون وحلاً دستورياً في كيفية تعديل الدستور»
    كما أعلن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد « ان التعديل الدستوري في مجلس النواب ممكن بعد استقالة حكومة فؤاد السنيوره ... » وأضاف رعد أنه « لا يمكن أن يجتمع مجلس النواب مع حكومة غير دستورية »
    ومن المعلوم أن المادّة /49/ من الدستور تنص في فقرتها الثالثة على أنه لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها ... مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ احالتهم على التقاعد »
    من هنا تطرح مشكلة دستورية أولى حول انتخاب قائد الجيش العماد سليمان رئيساً للجمهورية، وهي تتمثل بعدم جواز انتخابه عملاً بالمادّة /49/ من الدستور؛ ولكن السوابق المتلاحقة في لبنان كانت تجد مخرجاً لهذا الوضع بتعديل الدستور لإجازة انتخاب من هم مشمولون بأحكام المادّة /49/، من هنا يطرح التساؤل عما إذا كان يجوز تعديل الدستور حالياً من أجل إجازة انتخاب العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية
    وسبب هذا التساؤل يعود لبعض النصوص الواردة في الدستور والتي ترعي المرحلة الحالية التي عقبت إنتهاء فترة ولاية الرئيس اميل لحود وبقاء سدة الرئاسة خالية
    وبالفعل ان المادّة /74/ من الدستور تتضمن أنه « إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو بسبب آخر فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم       القانون ...»
    كما أن المادّة /75/ من الدستور تنص على « أن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر»
    من هنا تطرح المشكلة الدستورية المتثملة بمعرفة ما إذا كان يجوز لمجلس النواب أن يجتمع حالياً من أجل تعديل الدستور قبل انتخاب الرئيس؟ وهل توافق بعض القوى السياسية على مشاركة الحكومة الحالية في عملية  تعديل الدستور وحضور جلسة مجلس النواب عند البحث في هذا التعديل؟
    إن حل المشكلتين الدستورية والسياسية يستوجب عرض الحلول الممكنة لتسهيل عملية انتخاب العماد ميشال سليمان، ونعتقد أن هناك حلين لا ثالث لهما، أولهما تعديل الدستور قبل إجراء العملية الانتخابية (أولاً) وثانيهما إجراء العملية الانتخابية قبل تعديل الدستور ( ثانياً)
 
    أولاً: إجراء التعديل الدستوري قبل إجراء الانتخابات الرئاسية
    ان المادّة /76/ وما يليها من الدستور اللبناني أجازت تعديل الدستور وحددت الأصول والإجراءات الواجب إتباعها من أجل وصول التعديل الدستوري إلى نهايته المرجوه، ونرى أن بعض النصوص الدستورية قد تشكل عقبات قوية أمام التعديل المطلوب لإجازة انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية في ظل الوضع الدستوري الراهن:
    ـ أن العقبة الأولى هي دستورية، إذ كيف يمكن لمجلس النواب أن يجتمع ولا يباشر بانتخاب الرئيس رغم خلو سدة الرئاسة؟ ألا يشكل ذلك مخالفة للمادتين /74/ و /75/ من الدستور، وهل يرضى رئيس مجلس النواب أن يدعو المجلس للنظر بأمر تعديل الدستور قبل انتخاب رئيس الجمهورية متجاوز بذلك صراحة المادتين 74/75 ؟
    ـ هل توافق الحكومة على القيام بالإجراءات المطلوبة منها لإقرار التعديل قبل انتخاب رئيس الجمهورية، وهل توافق بعض القوى السياسية، على إجراء التعديل الدستوري في ظل الحكومة الحالية التي تعتبرها غير دستورية وتطالب باستقالتها قبل إجراء التعديل الدستوري؟
    ـ كذلك من الناحية العملية: أن التعديل الدستوري قبل انتخاب الرئيس سيمر بمراحل ويتطلب عقد أكثر من جلسة لمجلس النواب، وخلال تلك الفترة قد تحاول بعض القوى السياسية منع إقرار التعديل دون أن يظهر انها في موقع الممانع لتولي العماد سليمان رئاسة الجمهورية، لأن موقفها سينطلق عندئذ من البحث في دستورية أو عدم دستورية التعديل بدون إدخال إسم العماد سليمان في النقاش
    من أجل ذلك وتلافياً لكل المحاذير، نعتقد أنه من الاجدى إجراء الانتخابات الرئاسية قبل إجراء التعديل الدستوري
 
    ثانياً: إجراء الانتخابات الرئاسية قبل إقرار التعديل الدستوري
    ان المادّة /49/ من الدستور اكتفت بالنص على عدم جواز انتخاب بعض فئات الموظفين لمركز الرئاسة الأولى، ولكنها لم تتضمن هي ولا أية مادّة أخرى أي نص بوجوب تقديم ترشيح رسمي لرئاسة الجمهورية ومن ثم فهي لم تعطِ أية سلطة صلاحية التحقق من أهليه المرشح أو من وجود مانع يمنعه من الترشح
    ان الرقابة الوحيدة الممكنة على ذلك يمكن أن تحصل من قبل المجلس الدستوري، ولكن بعد إجراء العملية الانتخابية ، وبالفعل ان المادّة /19/ من الدستور المعدلة بموجب القانون الدستوري رقم /18/ تاريخ 21/9/1990، والتي نصت على  إنشاء المجلس الدستوري، أعطت هذا المجلس حق النظر بالنزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية، وقد حددت المادّة /23/ من قانون إنشاء المجلس الدستوري الصادر عام 1993 أصول التقدم بالطعن والنظر فيه بالنص التالي:
    « يتولى المجلس الدستوري الفصل في صحة انتخابات رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب والبت في الطعون والنزاعات الناشئة عنها وذلك بطلب من ثلث الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب قانوناً على الأقل» « ويجب أن يكون استدعاء النقض « موقعاً منهم شخصياً وأن يقدم ... خلال أربع وعشرين ساعة تلي اعلان النتائج تحت طائلة رده شكلاً»
    وتحدد بقية فقرات المادّة /23/ أصول النظر بالطعن
    من هنا نخلص إلى نتيجة أولى هو أنه لا يمكن أن تثار مسألة مدى دستورية الترشح إلا بعد إجراء الانتخابات، وإلى نتيجة ثانية وهي أنه إذا لم يقدم طعن من قبل ثلث أعضاء المجلس على الأقل خلال أربع وعشرين ساعة تستقر النتيجة على وجه نهائي
    ومن ثم يمكن لمجلس النواب أن ينعقد لانتخاب الرئيس، ويبقى لكل نائب أن يصوت لأي شخص يراه مؤهلاً لتولي مركز الرئاسة الأولى بالاستناد إلى المادّة /49/ من الدستور، التي أوجبت أن يجري الانتخاب « بالاقتراع السري»، ومن ثم نرى أنه من الممكن اعتماد الآلية التالية لانتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية وفي نفس الوقت إجراء التعديل الدستوري وفق مراحل تتلاحق على الشكل التالي:
    1 ـ المرحلة الأولى: إذا كان هناك اجماع أو توافق على الأقل بأكثرية الثلثين على انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية، يجتمع مجلس النواب لانتخاب الرئيس، ويُشْرع فوراً بعملية الانتخاب، عندها يكون اجتماع المجلس و الشروع في عملية الانتخاب قد  تما بصورة دستورية صحيحة
    وطالما أنه يحق لكل نائب بأن يصوت لمن يراه مؤهلاً لتولي منصب الرئاسة، وطالما ان الدستور لا يفرض أن يقدم الترشيح بصورة رسمية، فبإمكان النواب التصويت لمصلحة العماد سليمان
 وعندها إذا تم انتخاب العماد سليمان يكون شاب العملية الانتخابية مخالفة يمكن الطعن بها أمام المجلس الدستوري على غرار أية مخالفة للدستور ترد في أي قانون يقرّه المجلس ـ وما أكثر القوانين التي أقرها المجلس وهي تتضمن مخالفات دستورية ـ
    ولكن هذه المخالفة لا تلغي صحة العملية الانتخابية طالما لم يطعن بالعملية الانتخابية أمام المجلس الدستوري وطالما أن المجلس الدستوري لم يصدر قراراً بذلك، على غرار القوانين التي صدرت عن مجلس النواب والتي تتضمن مخالفات دستورية ولم يطعن بها، وعلى غرار الأعمال الإدارية الصادرة عن السلطات المختصة وهي تتضمن مخالفات قانونية ولكن لم يطعن بها أمام مجلس الشورى
    2 ـ المرحلة الثانية: وبعد الانتهاء من انتخاب العماد سليمان رئيساً، يستعيد المجلس النيابي حقه في التشريع ويأخذ المبادرة فوراً من أجل تعديل الدستور عملاً بالفقرة الثالثة وما يليها من المادّة /77/ من الدستور ومؤداها:
    « ويمكن أيضاً إعادة النظر في الدستور بناء على طلب مجلس النواب فيجري الأمر حينئذ على الوجه الآتي:
    يحق لمجلس النواب في خلال عقد عادي وبناء على اقتراح عشرة من أعضائه على الأقل أن يبدي اقتراحه بأكثرية الثلثين من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانوناً بإعادة النظر في الدستور»
    وهذا يعني أنه في ذات جلسة انتخاب العماد سليمان، وبعد الانتهاء من عملية الانتخاب، تتحول جلسة المجلس إلى جلسة تشريعية ويقدم الاقتراح بتعديل الدستور لإلغاء أو تعديل الفقرة الواردة في المادّة /49/ من الدستور والتي تمنع على بعض فئات الموظفين الترشّح للانتخابات الرئاسية
    3 ـ المرحلة الثالثة: تتابع بعدها العملية الدستورية بحيث يتوجب على الرئيس المنتخب أن يحلف اليمين عملاً بالمادّة /50/ من الدستور ويلقي خطاب القسم، وعندها نعتقد أنه يستحسن أن يضمّن الرئيس المنتخب خطابه نقطة أساسية تبرر قبوله بقسم اليمين  قبل اكتمال عملية تعديل الدستور
    فيشير أولاً إلى أن النص الوارد في المادّة /49/ من الدستور، والذي يمنع بعض فئات الموظفين من الترشح للرئاسة يخالف مبدءً أساسياً من المبادئ التي يقرها الدستور اللبناني، على غرار الدساتير العصرية والشرع العالمية لحقوق الإنسان، وهو مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عنه في المادّة /7/ من الدستور ومؤداها:
    « كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم»
    فإذا كان يمكن أن نفهم كيف يمكن حرمان بعض المحكومين بأحكام جزائية من بعض حقوقهم المدنية والسياسية، فلا يمكن أن نفهم كيف يمكن أن يحرم كبار فئات الموظفين من أهم حقوقهم السياسية وهو الحق بتولي أعلى منصب سياسي في الدولة
    لذلك وعملاً بنص المادّة /7/ من الدستور يعلن الرئيس المنتخب موافقته على انتخابه رئيساً وعلى قسم اليمين قبل اكتمال عملية تعديل الدستور
    وبكل الأحوال يتعهد الرئيس بعدم الاستمرار في الولاية إذا لم يقر التعديل الدستوري خلال فترة قصيرة يمكن أن يحددها
    4 ـ المرحلة الرابعة: فور إتمام عملية الانتخاب تعتبر حكومة الرئيس فؤاد السنيوره مستقيلة عملاً بالبند د/1 من المادّة /69/ من الدستور ومؤداه: « تعتبر الحكومة مستقيلة ... عند بدء ولاية رئيس الجمهورية». ومن ثم تتابع العملية الدستورية فتشكل حكومة جديدة تتولى هي متابعة إقرار التعديل الدستوري للمادّة /49/
    بالطبع يمكن أن يسلط البعض الضوء على أنه تبقى هناك مخالفة للدستور لأن الرئيس المنتخب سيباشر ممارسة صلاحياته قبل إقرار التعديل نهائياً؛ لكن نعتقد، وإذا جاز لنا أن نستعير مصطلحات قانون الجزاء، أن المخالفة التي يمكن أن تحصل مع إجراء العملية الانتخابية قبل إقرار التعديل الدستوري تبقى مجرد مخالفة، في حين أن إجراء التعديل الدستوري قبل إجراء العملية الانتخابية قد يشكل جنحة، ولكن بقاء الوضع على ما هو عليه حالياً وعدم إجراء الانتخابات بسبب الصراع السياسي في البلد يشكل جناية كبرى بحق البلد
    وأخيراً ان الحل المقترح بإجراء العملية الانتخابية الرئاسية قبل إقرار التعديل الدستوري من شانه أن يحقق فائدة مزدوجة:
    الأولى: أنه يلبي حاجة المعارضة بإقرار التعديل الدستوري بعد استقالة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة
    الثانية: أنه يسمح بإجراء العملية الانتخابية فوراً بحيث يصبح العماد ميشال سليمان في موقع الرئاسة ليمارس دور الحَكَم بين الموالاة والمعارضة في جميع المسائل بما في ذلك مسألة متابعة اقرار التعديل الدستوري، بدل أن يترك الجدل حول اقرار التعديل ومدى دستوريته إلى الصراع السياسي بين الموالاة والمعارضة
 بمعنى أنه إذا تم انتخاب العماد سليمان قبل إجراء التعديل الدستوري فاعتقد أنه لا يعود بإمكان أي فريق أن يقف موقف المعارض لاكمال التعديل الدستوري، والا سيظهر عندئذ بموقف المعارض لتولي العماد سليمان سدة الرئاسة.