نماذج من شرح بعض ما ورد في المواد التالية من قانون الإجراءات المدنية الإماراتي لعام 2022
والمواد هي: 2/6/44/89/90/190


المادة (2) من قانون الإجراءات المدنية 
لا يُقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة و مشروعة ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يُخشى زوال دليله عند النزاع فيه. (هذه المادة لا تزال على حالها منذ صدور قانون الاجراءات المدنية في العام 1992)
شرح النص
1 - المصلحة كشرط من شروط قبول الدعوى: يفرض القانون شروطاً معينة من اجل قبول الدعوى ومن ضمن هذه الشروط شرط المصلحة (L'intérêt)، وهي تتوفر عندما يكون من شأنها الدعوى أن تغيّر وتحسّن وضعيته القانونية الراهنة، وتتوقف المصلحة على المنفعة التي يأملها المدعي من إقامة الدعوى، وهذه المنفعة هي ذات طابع مالي أو معنوي( )، ومن ثم إذا كان ما يطلبه المدعي لا يحقق له أية فائدة عملية فان طلبه يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول( ). 
ويجب أن تقدر المصلحة بالتالي من خلال النتيجة المحتملة التي يمكن أن تقترن بها المطالبة القضائية فيما لو اعتُبِرَت صحيحة في الموضوع. فإذا توفرت المصلحة على ضوء الفرضية المتقدمة تقبل الدعوى؛ وإن لم تتوفر لا تقبل الدعوى. وهذه قاعدة مستقرة يعبّر عنها بالقول: حيث لا مصلحة لا دعوى( ) (Pas d’intérêt pas d’action) . فإذا تقدم المدعي بدعوى شاكياً فيها من ضرر وقع عليه إلا أنه لم يطلب من المحكمة إصدار حكم لإزالة هذا الضرر، فعندها تعتبر المصلحة غير متوفرة لأن مهمة القضاء محصورة بحماية حقوق الأفراد وتوزيع العدالة بينهم( ).
  وقد تضمن قانون الإجراءات المدنية نصاً صريحاً يوجب توفر المصلحة مع بيان الشروط المفروض توفرها فيها؛ وبالفعل نصّت المادة /2/ منه على أنه «لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة ومشروعة ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه»، كما تضمن القانون اللبناني نصاً مماثلاُ في المادة /9/ منه و مؤداها ان «تكون الدعوى مباحة لكل من له مصلحة قانونية قائمة...»( ). ويمكن أن تكون المصلحة مادية أو معنوية. وشرط توفّر المصلحة هو شرط ذو مدى عام، بمعنى أنه يمكن أن يثار ليس فقط في وجه المدعي بل أيضاً في وجه المدعى عليه والمتدخلين، كذلك إن استعمال طرق الطعن يخضع لشرط توفر المصلحة.
ومن ثم إذا كان المبدأ ألا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، وكان الثابت بالأوراق أن الطالب قد صدر قرار بعزله من وظيفته فإنه لا تكون له مصلحة في النعي على تقرير التفتيش المطعون فيه.( )
2 – يجب ان تكون المصلحة قانونية ومشروعة (L'intérêt doit être juridique et légitime): إن المصلحة، سواء كانت مالية أو معنوية، يجب أن تكون قانونية ومشروعة؛ وهذا ما أشار إليه قانون الإجراءات المدنية في المادة /2/ منه عندما أوجب ان تكون المصلحة «مشروعة»، وهي تكون كذلك عندما تهدف إلى حماية حق ذاتي.
في الواقع غالباً ما يطلب المدعي حماية حق ذاتي أقره له القانون، مثلاً حماية حق الملكية أو الدين المترتب للدائن بذمة المدين، ولكن هناك عدداً غير قليل من الدعاوى لا يفترض معها المساس بحق ذاتي، لأنه ليس كل ما هو قانوني يتمثل بحقوق ذاتية، مثلاً إن دعوى إعلان بطلان الزواج لا تفترض المساس بحق ذاتي. كذلك عندما يحصل اعتداء على إحدى الحريات العامة المعترف بها للأفراد، لا يمكن القول إن هناك اعتداءً على حق ذاتي، رغم أن البعض يميل إلى اعتبار تلك الحريات بمثابة حقوق حقيقية. إن دعوى التعويض الناجمة عن مثل الاعتداء المتقدم إنما هي نتيجة الإخلال بواجب («devoir» la violation d'un) ينجم عنه إضرار بمصلحة، والقانون يمنح صاحب المصلحة دعوى للتعويض عنها.
إن المظهرين المتقدمين للمصلحة يظهران المنازعات التي يمكن أن تعرض على القضاء، بمظهر مزدوج: ذاتي وموضوعي.
يتوفر المظهر الذاتي عندما يسند المدعي طلبه إلى الاعتداء على حق ذاتي أقره له، أما المظهر الموضوعي فيتوفر عندما يطلب المدعي من القضاء التحقق من أن هناك اعتداءً على حق موضوعي معترف به قانوناً للأفراد.
وانطلاقاً من الملاحظات المتقدمة يمكن القول أنه يكفي أن تكون المصلحة المدلى بها مشروعة ومحمية قانوناً( ). أما إذا كانت المصلحة غير مشروعة فيرد الطلب، مثلاً إذا اعترف شخص ببنوة أحد الأطفال ونازع أحد المسنين من أقربائه بذلك متذرعاً بضرورة المحافظة على نسب العائلة، فإن المصلحة المشروعة عند ذلك القريب تكون منتفية خصوصاً متى كان الشخص الذي اعترف بالولد غير متحدر من عمود نسب ذلك القريب المسن( )
3 - المصلحة غير المشروعة - المصلحة الاقتصادية: بالاستناد إلى المفهوم المتقدم للمصلحة المشروعة والمحمية قانوناً اعتبر الاجتهاد ان مجرد المصلحة الاقتصادية لا تكفي لإقامة الدعوى، مثلاً إذا ادعى تاجر أن شركة تنافسه قائمة بشكل غير قانوني، فإن مصلحته في طلب إبطال تلك الشركة لمجرد أن وجودها يلحق به خسارة تكون غير متوفرة. بالطبع إن مصلحته الاقتصادية بإقصاء تلك الشركة من السوق متحققة إلاّ أن هذه المصلحة وحدها لا تكفي لإقامة دعواه؛ وبالتالي فإن مثل تلك الدعوى تكون غير مقبولة( ) لأن القانون يجيز ممارسة التجارة والمزاحمة المشروعة. كذلك إن الدائنين أو المتعهدين أو الزبائن أو الشركاء لشخص قتل بنتيجة حادث، لا تتوفر عندهم المصلحة القانونية لإقامة دعوى من أجل تعويضهم عن الضرر اللاحق بهم بسبب وفاته( ).
4 - تقويم شرط المصلحة القانونية: ينتقد بعض الفقهاء بحق، اعتبار أن المصلحة المشروعة والمحمية قانوناً هي شرط من شروط قبول الدعوى، لأن عدم قبول الدعوى لسبب عدم توفر المصلحة القانونية يعني أن الحق نفسه منعدم، في حين أن بحث توفر المصلحة ينحصر بمعرفة ما إذا كانت الدعوى مقبولة بمعزل عن صحة الحق في الموضوع، وبالتالي إن القول بأن المصلحة يجب أن تكون قانونية يمكن نقده لسببين نظري وعملي:
من الناحية النظرية: يبدو القول بالمصلحة «القانونية» غير منطقي لأنه يخلط بين مفهومين مختلفين، ذلك ان المصلحة بتعريفها تتمثل بمنفعة ذات طابع مالي أو معنوي، بمعنى أنه من أجل تقدير مدى توفر المصلحة يجب البحث فيما إذا كانت الدعوى، في حال كسبها، من شأنها أن تغير الوضعية الراهنة للمدعي، في حين أنه بمجرد أن يداخل هذا البحث عنصر ذو طابع قانوني فإنه يكون قد انتقل حتماً إلى أرضية مختلفة عن الأرضية التي ينطلق منها مفهوم المصلحة، إن البحث يكون قد انتقل إلى السند القانوني للدعوى وما إذا كان من شأنه أن يؤمن للمدعي كسبها، وهنا يكمن التناقض إذ أن البحث عن المصلحة يصبح منطلقاً من مفهومين مختلفين تماماً: الأول يتعلق بقبول الدعوى وبصرف النظر عن صحة الطلب في الموضوع، والثاني يتعلق بالسند الذي يرتكز عليه الطالب؟
من الناحية العملية: يفضي القول بالمصلحة «القانونية» إلى نتائج قلما تكون مرضية، لأنه يؤدي إلى إفساد مفهوم المصلحة ذاته إذ إن تقدير المصلحة وبصورة غير مباشرة قبول الطلب يصبح تدريجياً متوقفاً على بحث مسبق لصحة هذا الطلب في الموضوع، وهذا يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير مقبولة أقلها أنه يعطي القاضي إمكانية تجنب الحكم في الموضوع عندما يبدو له أن الحق المدلى به غير صحيح( ).
5 - يجب ان تكون المصلحة آنية (L'intérêt doit être né et actuel) إقامة الدعوى قبل أوانها: يجب أن تكون المصلحة متوفرة عند إقامة الدعوى، وهذا ما أشارت إليه المادة /2/ من قانون الإجراءات المدنية عندما اشترطت أن تكون المصلحة «قائمة». فالمصلحة المحتملة لا تكفي مبدئياً لإقامة الدعوى إلاّ في الحالات التي استثناها القانون من شرط المصلحة الحالة والآنية (راجع البند اللاحق)، لأن مهمة القضاء تنحصر في حل النزاعات التي نشبت فعلاً وليس في حل نزاعات يحتمل حصولها.
وتتحقق المصلحة الحالة والآنية عندما يكون المساس بالحق قد حصل فعلاً؛ بالطبع يمكن ألا تظهر جميع النتائج الضارة المتولدة عن المساس بالحق فوراً ولكن يكفي أن يكون تحقق الضرر في المستقبل، كنتيجة للمساس بالحق، أكيداً حتى تعتبر المصلحة الحالّة والآنية متوفرة. ومن ثم إذا نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه انه رفض طلبه بعدم تحميله أية مسؤوليات أو التزامات ناشئة عن نشاط المؤسسة موضوع الدعوى في وقت لم يطالبه أحد بتحمل أية مسؤولية فتكون مصلحته غير قائمة، ومن ثم إذ كان الحكم المطعون فيه أيّد حكم محكمة أول درجة الذي رفض طلب الطاعن على سند من ان «هذا الطلب يثار من المستأنف في حال رفع الدعوى عليه للمطالبة بالالتزامات المترتبة على المؤسسة» فيكون أصاب صحيح القانون( ). 
ويستعمل الاجتهاد الإماراتي عبارة ان الدعوى اُقيمت قبل الأوان للتدليل على انتفاء المصلحة القائمة أو الحالة والآنية( ).
ولكن إذا نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه انه قبل الدعوى بالرغم من انها مرفوعة قبل أوانها بحجة انه لم يحن الأجل المتفق عليه لسداد الأقساط، وكان الحكم المطعون فيه واجه دفاع الطاعن برفع الدعوى قبل الأوان بما أورده بمدوناته من انه يبين من الأوراق ان الاتفاق كان على ان «يسدد الثمن على أقساط شهرية .... وانه إذا أخلّ المستأنف بسداد أي قسط في موعده يحلّ أجل كل الأقساط، وان أقوال المستأنف بأنه سدد ما عليه من أقساط بقيت مرسلة وعارية من أي دليل، حيث لم يقدم أي شيء يثبت ادعاءه من قريب أو بعيد، فإن الأقساط كلها تكون قد حلت وأصبحت واجبة السداد، فإن النعي على الحكم بقبول الدعوى قبل الأوان يكون على غير أساس»( ).
6 - المصلحة المحتملة: إذا كان الضرر أو الاعتداء على الحق غير أكيد فهل يجوز تقديم الدعوى استباقاً لتفادي وقوع الضرر أو الاعتداء؟ وإذا خشي صاحب الحق فقدان الأدلة على وجود حقه، كأن يخشى وفاة شاهد أو فقدان مستند، فهل يجوز له تقديم دعوى للحصول على الدليل الذي يخشى زواله؟
أجاز قانون الإجراءات المدنية الإماراتي في المادة /2/ منه إقامة الدعوى استباقاً بالاستناد الى المصلحة المحتملة «إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه»،، وقد أخذ القانون اللبناني في المادة /9/ منه بذات المبدأ، مضيفاً الى الحالتين المنصوص عنهما في القانون الإماراتي حالة ثالثة وهي الحالة التي تهدف الدعوى فيها إلى «تثبيت حق أُنكر وجوده». ومن ثم يجوز الادعاء أحياناً رغم أن المصلحة غير حالّة وغير آنية بل محتملة وذلك بشرط أن يكون الهدف من الادعاء:
- إما الاحتياط لدفع ضرر محدق كالدعوى التحفّظية بإثبات الحالة التي يُفترض فيها أن نزاعًا يزمع إثارته أمام القضاء بخصوص واقعة مادية ويخشى أن تضيع معالم هذه الواقعة ويتعذر إثبات هذه المعالم أو أدلتها أو معرفة أسبابها حين نظر الموضوع أمام القضاء إذا ما اتبعت إجراءات التقاضي العادية( ).
أو كالدعوى الوقائية بطلب وقف الأعمال الجديدة التي يمكن أن ترفع في وقت لا يكون العمل الذي قام به الخصم بلغ حد التعرض بل إنه سيبلغ هذا الحد مستقبلاً، ففي مثل الحالات السابقة أجاز القانون لصاحب المصلحة المحتملة رفع الدعوى وقائياً دفعاً لهذا الضرر المحدق الذي وإن لم يكن متحققاً عند إقامة الدعوى فإنه سيتحقق فعلاً في المستقبل.
- وإمّا بهدف الاستيثاق من حق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه كدعوى سماع شاهد يمكن أن يحتج بشهادته عند النزاع مستقبلاً في الحق الذي يستشهد على وجوده، أو متى كان فوات الوقت يمكن أن يؤدي إلى ضياع فرصة سماع هذا الشاهد. وقد تضمن قانون الإثبات الإماراتي في المادة 83 منه نصاً صريحاً يجيز «لمن يخشى فوات فرصة الاستشهاد بشاهد على موضوع لم يعرض بعد أمام القضاء ويحتمل عرضه عليه أن يطلب في مواجهة ذوي الشأن سماع هذا الشاهد، كما لو كان الشاهد المطلوب سماعه مريضاً أو مسناً على وشك الموت (راجع لاحقاً شرح المادة 28).
 ويقدم هذا الطلب للمحكمة بالطرق المعتادة وتكون مصروفاته كلها على من طلبه. وعند تحقيق الضرورة يحكم القاضي بسماع الشاهد متى كانت الواقعة مما يجوز إثباتها بشهادة الشهود. ويجوز للقاضي سماع شهود نفي بناء على طلب الخصم الآخر بالقدر الذي تقتضيه ظروف الاستعجال في الدعوى. (المادة 47 من قانون الاثبات القديم وقد حلت محلها المادة 83 من قانون الاثبات لعام 2022)( ).
كذلك تقبل دعوى إثبات الحالة التي تهدف للتحقق من حالة واقعية معينة، يمكن أن تتخذ وسيلة لإثبات حق معين عند النزاع فيه، إذا كان فوات الوقت يمكن أن يؤدي إلى ضياع المعالم المراد إثبات حالتها وصيرورة هذا الإثبات عسيراً أو مستحيلاً أو غير مجد على الوجه الأكمل أو كدعوى ادعاء التزوير بصورة أصلية. كذلك يجوز الادعاء استباقاً لتثبيت حق أنكر وجوده عن طريق ما يسمى بالدعوى التقريرية كما ورد في القانون اللبناني.  
7 - يجب أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة
L'intérêt doit être direct et personnel 
 وهذا يعني ان المدعي يجب ان يكون المدعي قد تضرر مباشرة وشخصياً في مصالحه الحقيقية، فقانون الإجراءات المدنية لا يجيز لشخص بأن يأخذ المبادرة بإقامة الدعوى مدلياً بمصلحة تخص الغير أو تخص الجماعة، فالمصلحة يجب أن تكون شخصية ومباشرة، لأن حق الالتجاء إلى القضاء، المعترف به للأفراد، هدفه تأمين احترام الحقوق الذاتية العائدة لهم( ) 
ومن ثم إذا كان الدفع الذي يتمسك به الطاعن يتعلق بمخالفة إدارية يعود للجهة الإدارية المختصة وحدها ان تتمسك بها وترتيب النتائج القانونية عليها، فعندها تكون مصلحة الطاعن منتفية في إثارة المخالفة موضوع النعي( ). 
في الواقع عندما يقيم الفرد الدعوى للدفاع عن حقوق يدعيها، فإن مصلحته الشخصية والمباشرة تكون متحققة وقلما تثار مشكلة حولها. إن مشكلة المصلحة الشخصية والمباشرة يمكن أن تطرح بشكل دقيق عندما تقام الدعوى من قبل الجمعيات.
8 - المصلحة عند الجمعيات: عندما تدّعي الجمعية، كشخص معنوي، للدفاع عن حقوقها الخاصة المادية والمعنوية فإن مصلحتها الشخصية والمباشرة تكون متحققة دون أن تثار بشأنها أية مشكلة. ولكن المشكلة تطرح عندما تدّعي الجمعية ليس من أجل حماية حقوق ومصالح خاصة بها، كشخص معنوي، بل للدفاع عن مصالح الجماعة والأفراد المنتمين إليها.
إن بحث مسألة قبول دعاوى والجمعيات، للدفاع عن المصالح العامة للجماعة، أثار جدلاً فقهياً حاداً في فرنسا منذ مطلع القرن الماضي( ). أن الاجتهاد الفرنسي لم يقر للجمعيات بحق المداعاة للدفاع عن المصالح الخاصة ما لم تتوفر مصلحة شخصية ومباشرة للجمعية في إقامة الدعوى( ). ونعتقد ان هذه المبادئ التي أقرها الاجتهاد الفرنسي تنطبق على الوضع التشريعي في الإمارات العربية المتحدة بالنسبة للجمعيات، تماماً كما تنطبق على الوضع التشريعي في لبنان( ).
9 - المصلحة في الطعن: السؤال الذي يُطرح هنا هو التالي: من يمكنه ان يكون طاعناً أو مطعوناً ضده؟ المبدأ هو ان الخصم في الطعن يجب ان يكون مبدئياً فريقاً في الخصومة الذي صدر فيها الحكم المطعون فيه( ). بمعنى انه يكفي ان يكون الخصم في الطعن طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وان يكون قد نازع خصمه أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه في طلباته او نازعه خصمه في طلباته هو( ). ومن ثم لا يجوز أن يختصم في الطعن بالنقض إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، بحيث انه لا يكفي أن يكون مختصماً أمام محكمة أول درجة، وهذه المسألة تتعلق بالنظام العام ومن ثم إذا ثبت بالأوراق أن المطعون ضدها الثانية لم تكن طرفاً في خصومة الاستئناف فيكون اختصامها في الطعن غير مقبول( ). 
ولكن هذا لا يعني ان مثول شخص معين في الخصومة يكفي لان يكون له الحق بالطعن، بل لا بد ان تتوفر عنده المصلحة للتقدم بالطعن، ذلك ان المصلحة مناط الطعن بمعنى ان سلوك طرق الطعن مرهون بتوفر المصلحة عند من يقدم الطعن تطبيقاً للقاعدة العامة التي تفرض توفر المصلحة كشرط من شروط قبول الدعوى، ومن ثم تكون المصلحة في الطعن منتفية إذا صدر الحكم المطعون فيه وفق طلبات الخصم أو محققاً مقصودة منها( ). 
كما ان الخصم الذي لم يُقضَ له او عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه في الطعن بالنقض، وتبعاً لذلك إذا كان من الثابت ان المطعون ضدها الثانية أُدخلت في الدعوى كخصم في المواجهة في مركز المدعى عليه وأنها وقفت من الخصومة موقفا سلبيا ولم يقضَ لها او عليها بشيء فإنها لا تعتبر خصما حقيقيا فيها ويتعين عدم قبول اختصامها في خصومة الطعن بالنقض( ).
ومن ثم فإن الطعن بالنقض لا يقبل الا من ذات الخصم المحكوم عليه الذي كان ممثلا في الخصومة أمام محكمة الاستئناف المطعون في حكمها متى كان الحكم المطعون فيه قد أضر به. وبالتالي اذا كان أحد المحكوم عليهم رضخ للحكم الابتدائي صراحة أو ضمنا و لم يستأنفه وانما استأنفه المحكوم له ببعض طلباته وباقي المحكوم عليهم وحدهم فإنه لا يحق للمحكوم عليه الذي رضخ للحكم الابتدائي ولم يستأنفه أن يطعن بالنقض على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف فيما فصلت فيه بالنسبة لباقي المحكوم عليهم طالما لم يقضِ الحكم الاستئنافي بشيء جديد قبله( ).
ذلك ان قبول الخصم للحكم أو تفويته ميعاد الطعن فيه مؤداه صيرورة الحكم باتاً لانغلاق باب الطعن فيه ويترتب عليه عدم جواز معاودة تناول ما تضمنه قضاء الحكم، لان القواعد المنظمة لمدى قابلية الأحكام للطعن تندرج ضمن الشروط القانونية لاستيفاء الطعن لأوضاعه الشكلية وهي تتعلق بالنظام العام، بحيث يكون من الواجب على المحكمة التي تنظر بالطعن ان تتصدى لها من تلقاء نفسها. 
ومن ثم إذا اقتصر الطعن بالنقض المقام من المحكوم عليه على ما قضت به محكمة الاستئناف بشأن استئناف المحكوم له (المطعون ضده) بتأييد الحكم المستأنف دون أن يُضمّن الطاعن طعنه تعييباً لقضائها السابق صدوره بعدم جواز الاستئناف المقام منه، فيكون طعنه غير جائز( ). 
والمقصود بالمحكوم عليه الذي يجوز له الطعن بالحكم هو من كان خصماً للمحكوم له في الخصومة الذي صدر فيها الحكم المطعون فيه وحكم فيها لمصلحته؛ ولكن لا يجوز للمحكوم عليه ان يطعن في الحكم بوجه من كان معه في ذات جهة الخصومة طالما كان وإياه في ذات الوضع القانوني ولم يكن لاي منهما أية طلبات بوجه الآخر، ذلك ان المادة 165/3 من ذات القانون تتضمن انه لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها.
ومن ثم إذا كانت المطعون ضدها الأولى قد أقامت الدعوى على كل من الطاعنة والمطعون ضدها الثانية وطلبت الحكم بإلزامهما بسداد مبلغ معين من المال، وكانت الطاعنة اقتصرت على طلب رفض الدعوى المقدمة من المطعون ضدها الأولى ودون ان تتقدم بأية طلبات في مواجهة المطعون ضدها الثانية وكان الحكم المطعون فيه اقتصر على الاستجابة لطلبات المطعون ضدها الأولى ودون ان يكون قد حكم على الطاعنة بأية طلبات لمصلحة المطعون ضدها الثانية؛ فيكون الحكم المطعون فيه الذي قضى بعدم جواز الاستئناف بوجه المطعون ضدها الثانية قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي على غير أساس( ). ذلك ان أساس المصلحة في الطعن يكمن في الضرر الذي يحمله الحكم في مواجهة الطاعن سواء قضى الحكم على الطاعن بشيء أو رفض الحكم له بكل أو بعض طلباته، وذلك أياً كان مركز المحكوم عليه في الدعوى سواء كان مدعياً أو مدعى عليه أو متدخلاً أو مدخلاً وبأي صفة كانت( ).
  وهذا يعني ان الطعن لا يقبل الا من الخصم المحكوم عليه الذي كان ممثلا في الخصومة امام محكمة الاستئناف المطعون في حكمها متى كان الحكم المطعون فيه قد أضر به بحيث انه اذا كان أحد المحكوم لهم او عليهم رضخ للحكم الابتدائي صراحة أو ضمنا ولم يستأنفه وانما استأنفه محكوم له أو عليه آخر ببعض طلباته فإنه لا يحق للمحكوم له أو عليه، الذي رضخ للحكم الابتدائي ولم يستأنفه، أن يطعن بالنقض على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف فيما فصلت فيه بالنسبة لباقي الخصوم ودون ان يقضي الحكم الاستئنافي بشيء جديد قبله( ) .
وتتوافق الحلول المعتمدة في اجتهاد المحاكم العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة مع الحلول المعمول بها في القانون المقارن، إذ من المقرر هناك أيضاً انه لا يجوز الطعن في الحكم إلا من المحكوم عليه أو من المتضرر منه. ولا يقبل الطعن ممن رضخ للحكم أو ممن قضي له بكل طلباته ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. كما لا يقبل الطعن من المتدخل التبعي الذي لم يتقدم بأي طلب خاص به بل اقتصر موقفه على تأييد مطالب أحد الخصوم متى كان هذا الخصم لم يتقدم بأي طعن، سواء أكان الطعن بطريق الاستئناف( ) أو بطريق النقض( ). لأنه إذا انتفت المصلحة في الطعن كان مصيره الرفض وتحمل صاحبه النفقات. 
10 - الدفع بانتفاء المصلحة: ان الدفع بانتفاء المصلحة هو دفع من دفوع عدم القبول، ومن ثم فهو يخضع للنظام الاجرائي التي تخضع له هذه الدفوع. وتتوفر المصلحة للطعن بالحكم ممن كان فريقاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ونازع خصمه أو نازعه خصمه بالطلبات المطروحة على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وهذا بصرف النظر عما إذا كان ما يدعيه في محله قانوناً ام لا، لان ذلك يأتي بحثه عند فصل موضوع الطعن( ).
المادة (6)
1 - يتم الإعلان بناءً على طلب الخصم أو أمر المحكمة المختصة أو مكتب إدارة الدعوى بوساطة القائم بالإعلان أو بالطريقة التي يُحددها هذا القانون
2 - للمحكمة المختصة أو مكتب إدارة الدعوى أو القاضي المشرف حسب الأحوال أن تصرح للمدعي أو وكيله للقيام بالإعلان بالوسائل المنصوص عليها في البند (1) من المادة (9) من هذا القانون.
3- يجوز الإعلان بوساطة شركة أو مكتب خاص أو أكثر وفق أحكام هذا القانون، ويصدر رئيس مجلس القضاء الاتحادي أو رئيس الجهة القضائية المحلية حسب الأحوال، نظامًا خاصًا بقيام الشركات والمكاتب الخاصة لإجراء الإعلان وفق أحكام هذا القانون، ويعد قائمًا بالإعلان كل من كلف بتولي عملية الإعلان في هذا الشأن
4 - وفي جميع الأحوال يجوز القيام بالإعلان على مستوى الدولة دون التقيد بقواعد الاختصاص المكاني.

شرح النص

1 -
الفرق بين النص القديم والجديد: البند الاول هو ذاته تقريباً مع فرق بسيط بإضافة أمر مكتب إدارة الدعوى بعد ان كان النص السابق يحصر الامر بالمحكمة، ومبرر هذا التعديل هو انشاء مكتب ادارة الدعوى (راجع عن انشاء هذا المكتب لاحقاً)، بالإضافة الى ان تحديد طريقة الاعلان يمكن ان يتم باللائحة التنظيمية كما سيلي في المواد اللاحقة
أما البند الثاني فقد اضاف الى النص القديم بان المحكمة يمكن ان تصرح للخصم ايضاً وليس للمدعي وحده بالقيام بالإعلان، كما اضاف الى وسائل الاعلان التقليدية وسائل التقنية الحديثة. ومبرر هذه الاضافة هو ادخال وسائل التقنية الحديثة في القانون الوضعي كوسيلة يجوز اعتمادها في الاعلان.
في حين ان البند الثالث أعطى كل من رئيس مجلس القضاء الاتحادي أو رئيس الجهة القضائية المحلية حسب الأحوال صلاحية وضع النظام الخاص لقيام الشركات والمكاتب الخاصة لإجراء الإعلان بدل مجلس الوزراء
أمّا البند الرابع فكان تم اضافته بعد عام 1992 لقانون 1992، وهذا البند استحدث مبدأً هاماً لم يكن وارداً في النص القديم، ذلك انه أصبح بالإمكان الاعلان من المحاكم الاتحادية او من محاكم اية امارة الى محاكم امارة اخرى دون ان يشكل الاختصاص الولائي بينها اية عقبة في سبيل اتمام الا علان، كما سيلي في الشرح.
2 - تعريف الإعلان ¬الاعتبارات التي يجب أن توفق قواعد الإعلان بينها: إن الإعلان هو العمل الاجرائي الذي يتم بمقتضاه إعلام شخص معين بصورة رسمية بعمل اجرائي يقتضي إعلانه اليه، أي هو الاجراء الذي يتم بمقتضاه «اعلام أصحاب العلاقة بمضمون أوراق التقاضي وإجراءاته( ). ويهدف الإعلان بالدرجة الأولى لحماية حقوق الدفاع، إذ لا يصح أن يتخذ أي عمل إجرائي أو أي مستند حجة على خصم معين ما لم يتم إعلانه اليه، وبالتالي إن الاعتبار الأول الذي يحكم وضع قواعد الإعلان هو تأمين حقوق الدفاع، وهذا الاعتبار يحتم أن يتم الإعلان حقيقة إلى الخصم المدلى ضده بالعمل الإجرائي حتى يتمكن من الاطلاع عليه وتقديم ما عنده من دفاع بشأنه.
إلا أن عملية الإعلان لا تتم دوماً بالسهولة التي تسمح بإعلان الورقة إلى الشخص المقصود بها، إذ يمكن أن تحول بعض الظروف الواقعية دون تحديد محل وجود هذا الشخص عندما يوجب القانون إعلانه في هذا المحل، وإذا ما وجد هذا المحل فقد يتعذر على القائم بالإعلان مصادفته ضمن هذا المحل، بل أكثر من ذلك يمكن أن يكون الشخص المقصود بالإعلان ليس عنده لا موطن ولا محل إقامة ولا محل سكن، وحتى انه يمكن ان يكون مجهول محل الإقامة.
     وإذا أضفنا إلى ذلك تعدد الأعمال الإجرائية التي تتم عادة خلال مراحل التقاضي بدءً بتقديم صحيفة الدعوى الى تقديم المذكرات فانعقاد جلسات التحقيق وصلواً الى جلسات المرافعة، وضرورة إعلان الخصوم بكل عمل من هذه الأعمال لتبين لنا المدى الذي يمكن أن ينعكس فيه تعثر الإعلان على طول أمد التقاضي، وبالتالي إن الاعتبار الثاني الذي يحكم وضع قواعد الإعلان هو تأمين السير بإجراءات التقاضي حتى نهايتها وفصل النزاع نهائياً وتأمين تنفيذ الحكم. وهذا الاعتبار يحتم أن توضع قواعد الإعلان بشكل لا يعيق سير إجراءات كما يحول دون محاولة أحد الخصوم التفلّت من الإعلان بهدف عرقلة سير الإجراءات وفصل النزاع المطروح.
من هنا تتضمن معظم التشريعات العصرية قواعد الإعلان بالطرق الاستثنائية عند تعذر الإعلان بالطرق العادية؛ ولكن الإعلان الاستثنائي قد لا يوفر للشخص، المقصود به، العلم الحقيقي بالعمل الاجرائي وبالتالي يبقى من الأفضل توسيع نطاق الإعلان العادي حتى ولو تم تسليم الورقة إلى غير الشخص المقصود بها بالذات، ومتى كان تسليمها إلى غير هذا الشخص من شأنه أن يوفر إلى هذا الأخير إمكانية العلم بها أكثر من الإعلان بالطرق الاستثنائية.
وقد حاول مشرع قانون الإجراءات المدنية الإماراتي منذ العام 1992 التوفيق بين الاعتبارات المتقدمة، فوضع بعض القواعد التي تهدف لتسهيل وتسريع إجراءات الإعلان بالشكل الذي يوفر للخصم المقصود بالتبليغ إمكانية العلم الحقيقي بالعمل الاجرائي المقصود إعلانه اليه. 
ولكن تطور التكنولوجيا الحديثة وتوفير وسائل الاتصال عن بعد دفع المشترع الاماراتي الى الاستفادة من هذا التطور العلمي، وتبعاً لذلك اعتمد منذ العام 2014 وسائل جديدة للإعلان تسهل الى ابعد الحدود سهولة وسرعة وصول المعلومة الى المقصود بها، وتم ذلك مع صدور القانون الاتحادي رقم 10 الذي نص على ان يستمر العمل بالمواد المتعلقة بالإعلان (من 5 الى 10) الى حين صدور قرار مجلس الوزراء باللائحة التنظيمية المشار إليها في المادة (1) مكرر من ذات القانون، وعندها تلغى تلك المواد حكماً بمجرد صدور هذا القرار.
وإذ ان مجلس الوزراء أصدر بتاريخ 9/12/ 2018 القرار رقم 57 بشأن اللائحة التنظيمية لقانون الاجراءات المدنية لعام 1992، فقد أضحت تلك المواد ملغاة وحلت محلها النصوص الجديدة الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم57/2018 والتي تعدلت بعض مواده بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 33/2020 كما سيلي في البنود اللاحقة، الى ان تمت اضافتها الى القانون عام 2022. 
3 - القائم بالإعلان: ان القائم بالإعلان هو كل من كُلّف بمقتضى القانون أو اللوائح او القرارات النافذة بتولي تنفيذ الاعلان القضائي، سواء أكان موظفاً عاماً أو شخصاً اعتبارياً خاصاً. وهذا التعريف للقائم بالإعلان هو اوسع من التعريف الذي كان وارداً في الفقرة الثالثة من البند 3 من المادة 5 قانون الاجراءات المدنية والتي كانت تنص على انه «يعد قائما بالإعلان كل من كلف بتولي عملية الاعلان في هذا الشأن»  
ويتم الاعلان بناءً على طلب الخصم أو أمر المحكمة أو مكتب إدارة الدعوى بواسطة القائم بالإعلان أو بالطريقة التي تحددها اللائحة. وللمحكمة أن تصرح للخصم أو وكيله القيام بالإعلان وفقًا لإجراءات الإعلان المقررة في اللائحة، ويجوز الإعلان بوسائل التقنية الحديثة. كما يجوز لإعلان بواسطة شركة أو مكتب خاص أو أكثر.
 ويعد قائمًا بالإعلان كل من كلف بتولي عملية الإعلان في هذا الشأن
4 – توسيع الاختصاص المكاني للقائم بالإعلان: يجوز القيام بالإعلان على مستوى الدولة دون التقيد بقواعد الاختصاص (وهي بنود مستحدثة في قرار مجلس الوزراء رقم 57/2018، الى ان تم ادماجها بالقانون) 
ولا شك ان لهذه الفقرة أهمية كبرى على صعيد دولة الامارات العربية المتحدة كونها دولة اتحادية، ذلك انه أصبح بالإمكان الاعلان من المحاكم الاتحادية او من محاكم اية امارة الى محاكم امارة اخرى دون ان يشكل الاختصاص الولائي بينها اية عقبة في سبيل اتمام الاعلان. 

الباب الثاني: رفع الدعوى وقيدها وتقدير قيمتها
الفصل الأول: رفع الدعوى وقيدها
من المادة 44 الى المادة 49
الفصل الأول

رفع الدعوى وقيدها

المادة (44) من قانون الإجراءات المدنية
1 - ترفع الدعوى إلى المحكمة بناءً على طلب المدعي، وذلك بإيداع صحيفة دعواه لدى مكتب إدارة الدعوى، أو بقيدها إلكترونيًّا أو رقيًّا وفق المعمول به في المحكمة.
2 - تشتمل صحيفة الدعوى على البيانات الآتية:
أ - اسم المدعي ولقبه ورقم هويته أو نسخة ضوئية منها أو ما يقوم مقامها من وثائق صادرة من جهات حكومية تثبت هويته ومهنته أو وظيفته وموطنه ومحل عمله ورقم هاتفه أو رقم الفاكس أو البريد الإلكتروني، فإن لم يكن للمدعي موطن في الدولة عين موطنًا مختارًا له واسم من يمثله قانونًا ولقبه ورقم هويته ومهنته أو وظيفته وموطنه ومحل عمله أو رقم الفاكس أو البريد الإلكتروني.
ب - اسم المدعى عليه ولقبه ورقم هويته أو نسخة ضوئية منها أو ما يقوم مقامها من وثائق صادرة من جهات حكومية تثبت هويته ومهنته أو وظيفته وموطنه ومحل عمله ورقم هاتفه أو رقم الفاكس أو البريد الإلكتروني، فإن لم يكن للمدعى عليه أو لمن يمثله موطن في الدولة عين موطنًا مختارًا له واسم من يمثله قانونًا ولقبه ورقم هويته ومهنته أو وظيفته وموطنه ومحل عمله أو رقم الفاكس أو البريد الإلكتروني. - المحكمة المرفوع أمامها الدعوى.
د - تاريخ إيداع صحيفة الدعوى بمكتب إدارة الدعوى.
هـ - موضوع الدعوى والطلبات وأسانيدها.
و - توقيع المدعي أو من يمثله وذلك بعد التثبت من شخصية كل منهما.

شرح النص

1 – تعريف - الفرق بين النص القديم والجديد: إن الشروع في الخصومة ومباشرة السير فيها يفترض بالدرجة الأولى إعلام المدعى عليه بالنزاع الذي باشره المدعي، وتبعاً لذلك تبدأ الخصومة بتقديم المدعي طلباته وادعاءاته أمام المحكمة بموجب مخطوطة تسمى «صحيفة الدعوى» يطلب بموجبها إعلان خصمه بهذه المخطوطة ودعوته للحضور أمام المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى ليحكم بوجهه بموضوع الطلبات المقدمة منه. وبالطبع يمكن أن تتضمن الصحيفة مطلباً واحداً أو عدة مطالب متلازمة كما يمكن أن تقدم من مدعٍ واحد أو عدة مدعين وبوجه مدعى عليه واحد أو عدة مدعى عليهم أيضاً متى كان جمع الخصومات والطلبات المتعددة في خصومة واحدة جائزاً. 
وكان قانون الإجراءات المدنية الاماراتي، بصيغته الاصلية، ينظم طريقة رفع الدعوى وقيدها ورقياً، ثم اضاف الى ذلك في العام 2014 طريقة رفع الدعوى وقيدها الكترونياً، الى ان صدر قرار مجلس الوزراء رقم 57/2018 واضاف الى الاحكام القديمة احكاماً جديدة مفصلة عن رفع الدعوى وقيدها الكترونياً، كما استحدث قواعد جديدة بهذا الشأن تأتلف مع التطور التكنولوجي بموضوع تقنية الاتصال عن بعد، واخيراً صدر القانون الجديد عام 2022 وكرّس الاحكام السابقة واضاف اليها بعض القواعد التي تتلاءم مع التطور التكنولوجي، بالإضافة الى بعض القواعد التي تهدف الى تسهيل الاعلان وسرعة الفصل بالدعوى  
2 – تعريف الدعوى - البيانات الواجب ان تشملها صحيفة الدعوى: الدعوى هي السلطة القانونية التي يستطيع الفرد بواسطتها أن يضع يد السلطة القضائية على نزاع معين للبتّ بصحة حق يدعيه، أو هي السلطة المعترف بها للفرد بالالتجاء إلى القضاء من أجل تأمين احترام حقوقه ومصالحه المشروعة)1(.
وقد عرفها قانون أصول المحاكمات اللبناني لعام 1983 بأنها «الحق الذي يعود لكل ذي مطلب بأن يتقدم به إلى القضاء للحكم له بموضوعه. وهي بالنسبة إلى الخصم الحق بأن يدلي بأسباب دفاع أو بدفوع ترمي إلى دحض ذلك المطلب» (المادة 7)، مقتفياً في ذلك التعريف المعتمد في القانون الفرنسي الجديد (المادة 30))2(.
والتعريفات المتقدمة تبرز السمات الأساسية للدعوى، وهي:
ـ إن الدعوى هي وسيلة قانونية تمكن الفرد من إجبار القاضي على البت بالطلب الذي يعرضه عليه.
ـ إن الدعوى تفترض اللجوء إلى سلطة قضائية، وهي تتميز بالتالي بشكل جلي عن المراجعة الإدارية.
ـ إن هدف الدعوى هو فرض احترام الحقوق المطالب بها. وبذات المعنى عرّفت محكمة التمييز في دبي الدعوى على انها حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعى به( ).
وقد أوجب نص المادة /44/ ان تشمل صحيفة الدعوى جميع البيانات التي تبين أوجه النزاع من جميع جوانبها سواء من جهة اسم المدعى أو المدعى عليه مع كل البيانات التعريفية عن كل منهما واسم المحكمة المرفوع أمامها الدعوى وتاريخ إيداع صحيفة الدعوى بمكتب إدارة الدعوى، وهذه البيانات قلّما تُثار نزاعات بشأنها، ذلك ان المقصود من البيانات بشأن اسم المدعي وممثله هو تحديد شخصية الخصم ومن ثم فإن النقص أو الخطأ فيها لا يؤدي إلى البطلان ما دام ليس من شأنه التشكيك أو التجهيل بشخصه أو صفته أو الممثل القانوني له( ). 
ومن ثم إذا نعي الطاعن، على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لرفض دفاعه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، بالرغم من ان المدعية المطعون ضدها لم تبين صفتها كشركة ذات مسؤولية محدودة فإن هذا النعي يكون مرفوضاً طالما انه يبين من عقد المقاولة، سند الدعوى، ان الطاعن كان الطرف الأول فيه، والمطعون ضدها الطرف الثاني وقد بين ان ممثل الشركة المطعون ضدها هو ذات الشخص الوارد اسمه في صحيفة الدعوى، وطالما انه يبين من صحيفة الدعوى أمام محكمة أول درجة انه ورد فيها ان المدعية (المطعون ضدها) هي شركة محدودة المسؤولية كما ورد فيها اسم المحامي الوكيل( ).
 ذلك ان النقض أو الخطأ في ذكر البيانات الواجب إيرادها في صحيفة الطعن، والذي يستتبع البطلان، هو ما كان من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة. ومن ثم فإن عدم بيان اسم المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بصحيفة الطعن لا يؤدي الى البطلان متى تحققت الغاية من ذكر هذا البيان بقيام المطعون ضده بالرد على صحيفة الطعن( ).
ولا شيء يمنع رفع الدعوى بصحيفة واحدة من أكثر من مدعٍ متى كان بين طلباتهم ارتباط يجعل من حسن سير العدالة الفصل فيها مجتمعة برفعها بدعوى واحدة، وأن تقدير توافر الارتباط بين الدعاوى من عدمه من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله( ).
ولكن إذا كان الوضع هو كذلك بالنسبة للبيانات السابقة فان هناك بيانات غيرها تكثر النزاعات بشأنها، وهي تلك المتعلقة بموضوع الدعوى والطلبات وأسانيدها والتي تعتبر من أهم البيانات الواجب ان تشملها صحيفة الدعوى. ولكن إذا كان كل من الموضوع والطلبات لهما مفهوم محدد فان الاسانيد قد تثير اشكالات كثيرة في تحديد المقصود بها، ذلك ان هناك اسانيد واقعية تستند اليها للدعوى، كما ان هناك اسانيد قانونية وأخرى تتعلق بوسائل الاثبات التي تؤيد ما جاء في صحيفة الدعوى.
وعلى ضوء ذلك يكون من الواجب تحديد أي عنصر من تلك العناصر يشكل سبب الدعوى الذي يلتزم القاضي به عند فصل الدعوى ويشكل في نفس الوقت عنصر السبب في الحكم القضائي الذي يجيز الدفع به لسابق الفصل بالدعوى المنصوص عنه في المادة 92 من قانون الاجراءات المدنية (راجع لاحقاً شرح المادة 92).
من أجل ذلك لا بد من البحث تفصيلاً في البيانات التي ترد عادة في صحيفة الدعوى وهي التالية:
 اولاً- البيان المتعلق بالخصوم في الدعوى. 
ثانياً – البيان المتعلق بوقائع الدعوى 
ثالثاً – البيان المتعلق بوسائل اثباتها –
رابعاً: البيان المتعلق بسندها القانوني.
اولاً – الخصوم الاصليون في الدعوى
1 – المدعي والمدعى عليه: تتمثل الخصومة في القضاء النزاعي بجهتين، الجهة المدعية والجهة المدعى عليها. والعمل الاجرائي الذي تفتتح به الخصومة - صحيفة الدعوى هو الذي يحدد كل جهة من جهتي الخصومة.
ويمكن أن تكون كل جهة من جهتي الخصومة شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً واحداً أو أكثر. وقد تضمن القانون الفرنسي لعام 1975 مادتين بشأن تعدد الخصوم في الجهة الواحدة، فالمادة /323/ منه نصت على ما يلي «عندما يقدم الطلب من أو ضد عدة خصوم فإن كلاً منهم يمارس ويتحمل، فيما يختص به، الحقوق والموجبات المترتبة على الخصوم في المحاكمة» وأضافت المادة /324/: «إن الأعمال التي تتم من أو ضد أحد الخصوم لا تفيد ولا تضر الآخرين إلا في الحالات المنصوص عليها قانوناً». ومتى تعدد الخصوم فلا شيء يمنع أن يصدر الحكم نهائياً بالنسبة للبعض منهم وتمهيدياً بالنسبة للبعض الآخر، وعندها يكون لهذا الحكم طبيعة الحكم المختلط( )؛ ولكن قد لا تقتصر الخصومة في الدعوى على الجهة المدعية والجهة المدعى عليها، ذلك ان القانون أجاز تدخل الغير أو ادخاله (راجع عن التدخل والادخال لاحقاً شرح لمواد من 96 الى 98) ويجب ان يبين أسماء الخصوم وصفاتهم بشكل واضح منعاً لاي التباس بشأن هويتهم، ولكن إذا كان الحكم الابتدائي قضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة على سند من أن المدعى في الدعوى يدعي حامد البركي أميركي الجنسية، في حين أن رافع الدعوى يدعى حامد أحمد مختار حامد مصري الجنسية، وكان يبين من من الأوراق ان الدعوى اقيمت من الطاعن ابتداءً بموجب صحيفة موقعة من المدعي حامد البركي، وقد أرفق مع صحيفة الدعوى شهادات إثبات اسمين لمسمى واحد رقم 2190/2015 الصادر من محاكم دبي للأحوال الشخصية، وكذا شهادة صادرة من القنصلية العامة لجمهورية مصر العربية فرع دبي بتاريخ 13/10/2014 مصادق عليها من وزارة الخارجية الإماراتية برقم 213408، تثبت أن الطاعن حامد البريكي هو ذاته حامد أحمد مختار حامد السيد، وهو ما أكده تقرير الخبرة المنتدبة من قبل محكمة الاستئناف الذي اخذت به المحكمة بعد ان اطمأنت اليه من «أن المستأنف حامد البريكي هو ذاته حامد أحمد مختار السيد، ويجمع بين الجنسيتين المصرية والأميركية»، مما تكون معه الدعوى اقيمت اصولاً من ذي صفة بموجب صحيفة موقعة من المدعي شخصياً، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه أخطأ عندما قضى برفض الاستئناف بما يوجب نقضه( ).
و"إذا تعلق الأمر بشخص اعتباري عام أو خاص فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى" ومن ثم إذ كان المطعون ضده قد ذكر في صحيفة دعواه اسم الجهة المدعى عليها – بنك ..... وهو ما يكفي لصحة الاختصام، أياً كان الخطأ في تحديد شخص الممثل القانوني لتلك الجهة وردد ذلك في صحيفة( )
2 - النتائج المترتبة على وضعية الخصم في الدعوى: يترتب على وضعية الخصم في الدعوى كمدعٍ أو مدعى عليه بعض النتائج التي يمكن أن تؤثر على سير الخصومة وحتى على نتيجتها.
فالمدعي هو الذي يحدد وقت بدء المعركة القانونية، وهو الذي يحدد مبدئياً إطار هذه المعركة وبالتالي إطار الخصومة. كذلك عندما يترك القانون خياراً في إقامة الدعوى أمام عدة محاكم، فإن المدعي هو الذي يختار المحكمة التي يقيم الدعوى أمامها.
ولكن إذا كان المدعي يستفيد من المزايا السابقة التي توفرها له صفته في الخصومة، فبالمقابل يقع عليه مبدئياً عبء الإثبات( )، كما يمكن أن يحكم عليه بالعطل والضرر وبالغرامة عند التعسف بالادعاء. 
أما المدعى عليه فليس هو الذي يحدد صفته في الخصومة، بل أن هذه الصفة يحددها المدعي انطلاقاً من العناصر الواقعية التي ولدت النزاع، مثلاً عندما يتخلف المدين عن القيام بموجب مترتب عليه تجاه الدائن، فإنه يرغم هذا الأخير على فتح المعركة القانونية ووضع المدين في موضع المدعى عليه.
وبالمقابل يعفى المدعى عليه من عبء الإثبات طالما بقي المدعي عاجزاً عن اثبات ما يدعيه، ولكن إذا كان المدعي هو الذي يحدد مبدئياً إطار الخصومة فإنه يبقى بإمكان المدعى عليه أن يوسع هذا الاطار عن طريق ما يقدمه من وسائل دفاع ومن طلبات مقابلة، كما يمكن ان تتوسع الخصومة بفعل ما يستجد فيها من طلبات التدخل والإدخال.

ثانياً: موضوع الدعوى
1 - أهمية الموضوع: 
المادتان 89 و90


المادة (89) من قانون الاجراءات المدنية
إذا رُفع النزاع إلى محكمتين وجب إبداء الدفع بالإحالة أمام المحكمة التي رُفع إليها النزاع أخيرًا للحكم فيه.
المادة (90) من قانون الاجراءات المدنية
يجوز إبداء الدفع بالإحالة للارتباط أمام أي من المحكمتين وتلتزم المحكمة المحالة إليها الدعوى

شرح النص

1 -
المحكمة التي يجوز الإدلاء بالدفع أمامها: يكمن المحذور الناجم عن رفع الدعوى أمام محكمتين مختلفتين أو قيام ارتباط بين الدعويين في أن تُقْدِم كل من المحكمتين على فصل النزاع بحكم قد يأتي متناقضاً مع حكم المحكمة الأخرى، الأمر الذي يترتب عليه أن حسن سير العدالة ومصلحة المتداعين أنفسهم يفرضان أن يُضم النزاعان إلى بعضهما لتفصل فيهما ذات المحكمة بحكم واحد( ).
 لذلك أوجب القانون الإماراتي، في حالة رفع النزاع إلى محكمتين، إبداء الدفع بالإحالة أمام المحكمة التي رفع اليها النزاع أمامها أخيراً للحكم بهذا الدفع، في حين انه يجوز إبداء الدفع بالإحالة للارتباط أمام أي من المحكمتين وعلى ان تلتزم المحكمة المحالة اليها الدعوى بنظرها. في حين ان القانون اللبناني أوجب على المحكمة، التي أدلي أمامها بسبق الادعاء أو بالتلازم مع دعوى مقامة سابقاً لدى محكمة أخرى، أن ترفع يدها عن الدعوى وتحيلها إلى هذه المحكمة (المادة 56 أ.م.م.)، بمعنى أنه بموجب القانون اللبناني ان الدفع بسبق الادعاء أو التلازم يمكن أن يثار مبدئياً فقط أمام المحكمة التي أقيمت الدعوى أمامها لاحقاً؛ ولكن إذا كان هذا الحل يبدو مبرراً بالنسبة للدفع بسبق الادعاء فإنه بالنسبة للدفع بالتلازم – أي الارتباط -  كان من الأفضل أن يفسح في المجال للإدلاء بالدفع أمام أي من المحكمتين، إذ يمكن أحياناً أن يكون من الأفضل أن تتابع المحكمة الثانية النظر بالدعوى متى كانت الدعوى العالقة أمامها أكثر أهمية أو أكثر تعقيداً أو أن ظروف التحقيق فيها أسهل وهذه الوجهة الأخيرة هي التي اعتمدها القانون الفرنسي (المادة 101)( ). وهذا ما أخذ به القانون الإماراتي عندما أجاز في المادة 88 منه إبداء الدفع بالإحالة للارتباط أمام أي من المحكمتين.
2- المحكمتان من درجة واحدة أو من درجتين مختلفتين: في فرضية أولى يمكن ان تكون المحكمتان الموجودة الدعويين أمامهما من درجتين مختلفتين كما لو كانت الدعوى الأولى عالقة أمام محكمة الاستئناف والثانية أمام محكمة أول درجة. وفي فرضية ثانية يمكن ان تكون الدعويان عالقتين أمام محكمتين من درجة واحدة كما لو كانت الدعويان عالقة أمام محكمة أول درجة، وفي هذه الحالة الأخيرة يمكن ان تكون إحدى الدعويين عالقة أمام الدائرة الكلية والأخرى أمام الدائرة الجزئية. وفي فرضية أخيرة يمكن ان تكون الدعوى المعروضة على إحدى المحكمتين هي الدعوى الأصلية بينما الثانية مسندة إلى موجب الضمان التبعي أو الفرعي. وفي كل هذه الفرضيات يطرح السؤال التالي:
هل تطبق قاعدة إبداء الدفع بالإحالة أمام المحكمة التي رفع اليها النزاع أخيراً عملاً بما نصت عليه المادة 89 من قانون الإجراءات المدنية المشار اليها أعلاه؟ مثلاً لو كانت المحكمة التي رفع اليها النزاع أخيراً هي محكمة الاستئناف والمحكمة التي رفع النزاع اليها أولاً هي الدائرة الجزئية في محكمة أول درجة، هل يبقى من الواجب إبداء الدفع أمام محكمة الاستئناف للتوقف عن النظر بالدعوى من أجل ان تنظر الدائرة الجزئية بالدعويين؟ ونفس السؤال يُطرح إذا كانت المحكمة التي رفع اليها النزاع أخيراً تنظر بالدعوى الأصلية والمحكمة التي رفع النزاع اليها أولاً تنظر بدعوى الضمان التبعي أو الفرعي، هل يبقى من الواجب إبداء الدفع أمام المحكمة التي تنظر بالدعوى الأصلية لتتخلى عن النظر بها من أجل ان تنظر بالدعويين المحكمة المعروض عليها دعوى الضمان التبعي أو الفرعي.
لم يلحظ القانون الإماراتي كل هذه الاحتمالات في حين ان القانون الفرنسي، ومن بعده القانون اللبناني، احتاط لها مع وضع الحلول المناسبة، وذلك من خلال النص على بعض الاستثناءات على مبدأ وجوب إثارة الدفع أمام المحكمة التي أقيمت الدعوى أمامها لاحقاً، بحيث يكون من الواجب عند توفر أحد هذه الاستثناءات أن يُدلى بالدفع وتحال الدعوى من المحكمة التي أقيمت لديها أولاً الى المحكمة الثانية وذلك في الحالات التالية:
- الأولى: إذا كانت المحكمة المقدمة إليها الدعوى لاحقاً قد أصدرت قراراً فاصلاً في إحدى نقاط النزاع وفتحت باب المرافعة ولا زالت الدعوى عالقة أمامها ولم تفصل بحكم منهٍ للخصومة.
- الثانية: إذا كانت ذات المحكمة تنظر في الدعوى الأصلية بينما الأخرى تنظر في دعوى مسندة إلى موجب الضمان التبعي.
- الثالثة: عندما تكون المحكمتان من درجتين مختلفتين فإن الدفع لا يمكن الإدلاء به إلا أمام المحكمة الأدنى درجة. 
- الرابعة: عندما تكون إحدى الدعويين عالقة أمام الدائرة الجزئية والأخرى عالقة أمام الدائرة الكلية فيجب الإدلاء بالدفع أمام الدائرة الجزئية (المادة 102 قانون فرنسي والمادة 56/3 لبناني)
3 – نتيجة الدفع – ضم الخصومات الى بعضها – التفريق بين ضم الخصومات والفصل بينها (Les Jonction et Disjonction D'instaces): يترتب على قبول الدفع بالإحالة الى محكمة اخرى لوجود ذات النزاع لديها او للارتباط مع هذا النزاع ان يتقرر بالنهاية ضم الخصومات إلى بعضها والسير بها معاً في خصومة واحدة ثم البت فيها بحكم واحد؛  وهذا بعكس الفصل بين الخصومات الذي يعني أن المحكمة تقرر انفصال الخصومة الواحدة القائمة لديها إلى خصومتين أو أكثر. ويلاحظ ان قانون الإجراءات المدنية الإماراتي لم يذكر ضم الخصومات أو الفصل بينها بين طوارئ الخصومة (راجع عن هذه الطوارئ شرح المواد من 101 الى 113) بخلاف بعض التشريعات في بلدان أخرى( ). 
ولكن بالرغم من ذلك فإن قانون الإجراءات المدنية الإماراتي أورد نصوصاً تطبيقية لهذا الطارئ من طوارئ الخصومة في المادة /86/ منه عندما عالج الدفوع الإجرائية، إذ ذكر من بينها الدفع بإحالة الدعوى الى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها أو للارتباط، وتبعاً لذلك أوجبت المادة 87 إبداء الدفع بالإحالة أمام المحكمة التي رفع اليها النزاع أخيراً للحكم بهذا الدفع. ويهدف ضم الخصومات إلى بعضها أو الفصل بينها أحياناً إلى التوفير في الوقت والمال، كما يهدف أحياناً أخرى إلى منع صدور أحكام متناقضة.
وشروط ضم الخصومات على ما يظهر من المادتين/89/ و/90/ من قانون الإجراءات المدنية هو ان يقوم بين النزاعين ارتباط يستتبع وجوب فصلهما بحكم واحد( ). 
4 - سلطة المحكمة في الضم والفصل بين الخصومات ¬ طبيعة قرارها: تتمتع محكمة الموضوع بسلطة واسعة في تقرير ضم الخصومات أو الفصل بينها، إذ يمكنها أن تقرر ذلك بناء على طلب الخصوم أو أحدهم أو من تلقاء نفسها. ويتمتع قاضي الموضوع بسلطة تقديرية لتقرير مدى ملاءمة ضم الخصومات إلى بعضها أو الفصل بينها( )، ومن ثم فهو لا يؤاخذ إذا لم يقرر ضم خصومات لم يطلب أحد منه ضمها( )، وعند الفصل بين الخصومات فإن ملاحقة إحداها لا يستتبع بالضرورة قطع مهل السقوط بالنسبة للأخرى( ).
وتبعاً لقرار الضم أو الفصل بين الخصومات، تصدر المحكمة بالنهاية عادة حكماً واحداً أو حكمين( )؛ ويمكن للمحكمة أن تستند في حكمها إلى وسائل الإثبات المتوفرة في ملف أي من هذه الخصومات( ).
وقرارات ضم الخصومات أو الفصل بينها هي من تدابير الإدارة القضائية( ). وبالتالي إن هذه القرارات غير قابلة للطعن( ) (راجع عن التدابير الخاصة بالإدارة القضائية شرح المادة 142) ومن ثم فهي لا تخضع لرقابة محكمة النقض( ).
5 - الدفع برفع الدعوى أمام محكمة أجنبية: إذا دفع المدعى عليه الدعوى بدفع بان ذات الدعوى سبق رفعها أمام محكمة أجنبية أي بسبق الادعاء بالدعوى أمام محكمة أجنبية، فهل يقبل الدفع؟
هناك مذهبان في القانون المقارن: الأول يعتبر أن الدفع بسبق الادعاء يقبل ولو كانت الدعوى السابقة مقامة أمام محكمة أجنبية، ويأخذ بهذا المذهب كل من القانونين الألماني والسويسري، والثاني يعتبر أن سبق الادعاء أمام محكمة أجنبية لا يمنع المحاكم الوطنية من النظر بالدعوى الثانية المقامة أمامها، ويأخذ بهذا المذهب القانون الإيطالي. وفي فرنسا يأخذ القسم الأكبر من الفقه والاجتهاد بالمذهب الثاني( )، إلا أن بعض الاجتهاد الفرنسي الحديث أخذ بالمذهب الأول( ).أما في لبنان فقد أخذ بعض الاجتهاد بالمذهب الثاني( ).
ولكن القوانين التي تأخذ بالمذهب الأول تشترط أن يكون حكم المحكمة الأجنبية، العالقة أمامها الدعوى السابقة، قابلاً للتنفيذ أمام المحاكم الوطنية( ) أما إذا كان غير قابل للتنفيذ، فلا يعتد عندها بسبق الادعاء أمام المحكمة الأجنبية( ). ونعتقد ان العولمة وما رافقها من تقريب المسافات بين الدول الى حد القول ان العالم أصبح قرية صغيرة قد يدفع باتجاه الأخذ بالمذهب الأول.
ولكن يبدو ان قانون الإجراءات المدنية الإماراتي يأخذ بالمذهب الثاني تطبيقاً لنص المادة 22 منه، الواردة ضمن أحكام الاختصاص الدولي (راجع سابقاً شرح المادة 19 وما يليها). وذلك خلافاً للقاعدة المنصوص عنها في المادة 102 من ذات القانون والتي توجب على محكمة الدعوى الأصلية ان تأمر بوقف الدعوى أمامها الى حين فصل المسألة الأولية من مرجعها المختص والشرط الوحيد هنا ان تكون محاكم الإمارات مختصة بفصل الدعوى الأصلية الماثلة أمامها (راجع لاحقاً شرح المادة 104). 

المادة (190) من قانون الإجراءات المدنية
1 - مع عدم الإخلال بالبند (1) من المادة (185) واستثناءً من حكم المادة (189) من هذا القانون، يجوز للمحكمة الرجوع عن القرار الصادر منها في غرفة المشورة أو عن حكمها البات من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب من الصادر ضده القرار أو الحكم، في أيٍّ من الأحوال الآتية:
 أ - إذا شاب القرار أو الحكم خطأ إجرائي وقع من المحكمة أو أجهزتها المعاونة أثر في النتيجة التي انتهى إليه قرارها أو حكمها.
  ب - إذا كان القرار أو الحكم مستندًا على قانون مُلغى، وكان من شأن تطبيق القانون الصحيح تغيير وجه الرأي في الدعوى.
ج - إذا صدر القرار أو الحكم مخالفًا لأيٍّ من المبادئ القضائية التي قررتها الهيئة أو الدوائر مجتمعة بالمحكمة حسب الأحوال، وذلك بدون العرض عليها، أو صدر مخالفًا للمبادئ التي استقرت عليها المحكمة أو التي أصدرتها هيئة توحيد المبادئ بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية. 
  2 - يُقدم طلب الرجوع من الصادر ضده القرار أو الحكم إلى مكتب إدارة الدعوى بالمحكمة الاتحادية العليا أو محكمة النقض أو محكمة التمييز حسب الأحوال، موقعًا من محام مقبول للمرافعة أمامها ومصحوبًا بتأمين مقداره (20.000) عشرين ألف درهم، وإذا كان الرجوع من تلقاء نفس المحكمة يُحيله رئيسها مصحوبًا بتقرير من المكتب الفني إلى الهيئة المنصوص عليها في البند (3) من هذه المادة.
  3 - يُنظر طلب الرجوع أو إقرار الإحالة به المنصوص عليه في البند (2) من هذه المادة أمام هيئة مشكلة من خمسة قضاة بالمحكمة من غير من شاركوا في إصدار القرار أو الحكم، وتصدر الهيئة منعقدة في غرفة المشورة قرارًا مسببًا بأغلبية أربعة قضاة في طلب الرجوع، ويصادر مبلغ التأمين عند رفض الطلب. وفي حال قبول الطلب يحال إلى دائرة أخرى لنظر الطعن من جديد والفصل فيه، مع رد مبلغ التأمين إلى الطالب.
  4 - في جميع الأحوال، تكون الإحالة أو تقديم طلب الرجوع لمرة واحدة فقط، ولا يجوز إحالته أو تقديمه بعد انقضاء سنة من تاريخ صدور القرار من غرفة المشورة أو الحكم البات

شرح النص

1 –
أسباب استحداث النص ومصدره - الطابع الشكلي لقواعد الإجراءات أهم خصائصها: إن القانون المدني أو القانون التجاري يخضع لمبدأ حرية التعاقد، فللأفراد أن يرتّبوا علاقاتهم القانونية كما يشاءون دون التقيّد بشكليات أو صيغ معينة، باستثناء الحالات التي يفرض فيها القانون مثل تلك الشكليات أو الصيغ (بهذا المعنى المادة 125 من قانون المعاملات المدنية)
أما الإجراءات المدنية، فيغلب عليها الطابع الشكلي، وهذا الطابع هو أهم مميزاتها، فالدعوى لا يمكن تقديمها والسير بها إلا وفقاً للشكليات التي فرضها القانون، وهذه الشكليات من شأنها أن تحول دون تحكم القاضي وفي نفس الوقت تؤمن للمتقاضين ممارسة حق الدفاع) (. ولكن مخالفة هذه الشكليات يمكن أن تؤدي ليس فقط إلى بطلان الإجراءات المخالفة لها، بل يمكن ان تؤدي أحياناً إلى ضياع الحق ذاته. وجزاء البطلان، وخصوصا بسبب مخالفة الشكليات، هو جزاء بمنتهى القساوة نظراً لتلقائيته وآثاره (راجع سابقاً شرح المادة 13). ويتخذ جزاء البطلان طابعاً اكثر حدة امام محكمة النقض بالنظر لكون قراراتها تصدر بالدرجة الأخيرة وبالتالي فان قراراتها لا يجوز الطعن فيها – مبدئياً - بأي طريق من طرق الطعن.
 وقد طُرحت هذه المشكلة أول ما طرحت على محكمة التمييز الفرنسية مما دفعها الى إيجاد طريق مراجعة بريتورية ضدّ القرارات الصادرة عنها دون أن يكون هناك أيّ سندٍ في القانون يبرّر قبول مثل تلك المراجعة، وهذه المراجعة هي المعروفة (Le Rabat d’arrêt).
   2 – تكريس مبدأ الرجوع عن القرار القضائي في الاجتهاد الفرنسي- استرداد القرار القضائي(1): كانت الغرفة الجزائية في محكمة النقض الفرنسية هي الأسبق في السير بهذا الاتجاه عندما قرّرت استرداد قرارٍ صادرٍ عنها كان أعلن سقوط الحق بالطعن دون أن يكون في الأوراق ما يبرّر ذلك ودون أن يُنسب هذا الخطأ إلى مستدعي النقض(2). في حين أن الغرفة المدنيّة رفضت بادئ الأمر السير بهـذا الاتجاه(3)، ولكنها عادت ابتداءً من عام /1960/ وقبلت باسترداد القرار الصادر عنها متى كان صدر بنتيجة خطأ إجرائي أثّر في الحلّ الذي خلص إليه القرار ودون أن يُنسب هذا الخطأ إلى أحد الخصوم(4).
كما صدر عام /1969/ قرار عن الغرفة الاجتماعية قضى باسترداد قرارٍ سبق أن صدر عنها وقضى بإعلان سقوط حقّ مستدعي النقض بالتقدّم باستدعائه لعلّة عدم تقديمه مذكرة توضيحية في حين أنّه كان أبرز المذكرة التوضيحية ضمن المهلة ألاّ أنها ضُمّت إلى ملفٍ آخر(1) وانتهى الأمر أخيراً بصدور قرارٍ عن الغرف مجتمعة عام /1995/(2) أقرّ هذا الطريق البريتوري لاسترداد القرار القضائي.
وهكذا استقرت محكمة التمييز الفرنسية على تكريس مبدأ استرداد القرار القضائي Le Rabat d’arrêt)) على أنها طريق تجيز لمحكمة النقض أن تعود عن قرارٍ أصدرته، سواء تعلّق القرار بقبول طلب النقض أو عدم قبوله أو تعلّق بموضوع طلب النقض ذاته، وذلك في الحالة التي يكون فيها القرار صدر بنتيجة خطأ إجرائي أثّر في الحلّ الذي أعطته المحكمة العليا لاستدعاء النقض ودون أن يُنسب هذا الخطأ إلى أحد الخصوم، بمعنى أن يكون هذا الخطأ الإجرائي نجم عن عدم انتظام عمل الإدارة القضائية(3).
وقد أخذت الغرفة العاشرة من محكمة استئناف بيروت الناظرة بالقضائية الجزائية بهذه الوجهة عندما قضت باسترداد قرارٍ صادرٍ عنها كان قضى بردّ الاستئناف شكلاً لعلّة تقديمه خارج المهلة القانونيّة، في حين صادف اليوم الأخير من المهلة القانونيّة يوم أحد، أي يوم عطلة رسمية، حيث يتوجّب تمديد المهلة إلى أوّل يوم عملٍ وهو اليوم الذي قدّم فيه الاستئناف، وتبعاً لذلك استردت المحكمة قرارها لأنه لم يكن قابلاً للطعن بطريق النقض(4).  
3 - شروط الاسترداد: يُستخلص من قرارات محكمة التمييز الفرنسية انها حددت أربعة شروط لاسترداد القرار القضائي هي التالية:
الشرط الأول: وجود خطأ إجرائي مادّي(1)، فحتى يقبل طلب استرداد القرار لا بدّ أن يكون وقع فيه خطأ إجرائي على أن يكون هذا الخطأ مادياً(2)، كما لو صدر القرار قاضياً بردّ استدعاء النقض لعدم دفع الرسم بسبب إضاعة الإيصال المثبت لدفع الرسم(3)، أو كما لو صدر القرار قاضياً بعدم قبول طلب النقض شكلاً لانقضاء المهلة القانونيّة دون أن يأخذ بعين الاعتبار أن هناك مهلة مسافة يجب إضافتها 
إلى المهلة الأصلية(4)، أو أن اليوم الأخير من المهلة كان يوم عطلة رسمية بحيث يتوجّب تمديد المهلة إلى أوّل يوم عملٍ وهو اليوم الذي قُدّم فيه استدعاء النقض(5)، أو أن مهلة النقض لم تبدأ بالسريان بسبب الطعن بصحّة التبليغ الذي تقرّر بطلانه(6)، ولكن يتوجب دوماً إثبات وجود مثل الأخطاء المتقدمة(7).
الشرط الثاني: أن يكون مصدر الخطأ المحكمة وليس أحد الخصوم(1)، كما لو تقدّم مستدعي النقض بمذكرة تفصيلية ضمن المهلة إلاّ أن القلم ضمّها إلى ملفٍ آخر الأمر الذي أدّى لعدم قبول طلب النقض شكلاً، إذ في هذه الحالة يمكن استرداد مثل هذا القرار لأن الخطأ أتى من جانب قلم المحكمة وليس من جانب مستدعي النقض(2)، كما يتوفّر ذات الخطأ متى تغاضت المحكمة عن وجود طلب معونةٍ قضائية قُدِّم خلال مهلة النقض أو خلال مهلة تقديم المذكرة التفصيلية(3).
الشرط الثالث: أن يؤدّي الخطأ إلى تأثيرٍ حاسمٍ في الحلّ الذي انتهى إليه القرار المطلوب استرداده، وتبعاّ لذلك ردّت محكمة النقض الفرنسية طلب استرداد القرار القاضي بردّ استدعاء النقض الذي ارتكز على أن مستدعي النقض لم يتبلّغ لائحة الخصم الجوابية ولم يتمكن بالتالي من الردّ عليها وممارسة حق الدفاع، إذ يبدو أنها اعتبرت أنه لم يكن من شأن ذلك أن يغيّر في نتيجة القرار المطلوب استرداده(1).
الشرط الرابع والأخير: أن يكون القرار المطلوب استرداده غير قابلٍ لأيّ طريق من طرق الطعن، لأنه إذا كان قابلاً للطعن فعندها يمكن تدارك الخطأ من خلال ولوج طريق الطعن المسموح ضدّ القرار، وإذا كانت محكمة النقض الفرنسية لم تضع هذا الشرط صراحة لقبول طلب استرداد القرار الصادر عنها فسبب ذلك أن قراراتها لا تقبل أي طريق من طرق الطعن.
ومن ثمّ إذا كان القرار المطلوب استرداده صادراً عن محكمة أخرى غير محكمة النقض، كما لو كان صادراً عن محكمة الاستئناف، فعندها لا يجوز استرداد القرار من قبل محكمة الاستئناف إلاّ في الحالة التي يكون فيها غير قابلٍ للطعن بأيّة طريقة من طرق الطعن بما فيها الطعن بطريق النقض.
4 – تكريس مبدأ الاسترداد في القانون الاماراتي: استحدث القانون الجديد رقم 42/2022 في المادة 190 منه قاعدة استرداد أو رجوع محكمة النقض عن قراراتها، وأضاف الى جانب الخطأ الاجرائي كسبب للرجوع سببين آخرين هما:
السبب الأول: ان يكون القرار أو الحكم مستندًا على قانون مُلغى
السبب الثاني: ان يكون القرار أو الحكم صدر مخالفًا لأيٍّ من المبادئ القضائية التي قررتها الهيئة أو الدوائر مجتمعة بالمحكمة حسب الأحوال، وذلك بدون العرض عليها، أو صدر مخالفًا للمبادئ التي استقرت عليها المحكمة أو التي أصدرتها هيئة توحيد المبادئ بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية
 كما حدّد النص إجراءات تقديم طلب الرجوع وحصره بهيئة محكمة مشكلة من (5) خمسة قضاة بالمحكمة من غير من شاركوا في إصدار القرار أو الحكم. وفي حال قبول الطلب يحال إلى دائرة أخرى لنظر الطعن من جديد والفصل فيه. وفي جميع الأحوال، تكون الإحالة أو تقديم طلب الرجوع لمرة واحدة فقط، ولا يجوز إحالته أو تقديمه بعد انقضاء سنة من تاريخ صدور القرار من غرفة المشورة أو الحكم البات
وفي قرار حديث لمحكمة النقض في أبو ظبي صدر في 22 أيار 2024 – لحظة دفع هذا الكتاب الى المطبعة قضت المحكمة بالرجوع عن قرار قضاءي صادر عن محكمة النقض مؤكدة التزامها بنص المادة 190 الجديدة بالتعليل التالي:
 «أن النص في المادة 190 من قانون الإجراءات المدنية أنه مع عدم الإخلال بالبند الأول من المادة (185)، واستثناء من حكم المادة (189) من هذا القانون، يجوز للمحكمة الرجوع عن القرار الصادر منها في غرفة المشورة أو عن حكمها البات من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من الصادر ضده القرار أو الحكم، في أي منالأحوال الآتية: 
(أ) إذا شاب القرار أو الحكم خطأ إجرائيا وقع من المحكمة أو أجهزتها المعاونة أثر في النتيجة التي انتهى إليه قرارها أو حكمها
(ب) إذا كان القرار أو الحكم مستندا على قانون ملغى، ويكون من شأن تطبيق القانون الصحيح تغيير وجه الرأي في الدعوى،
(ج) إذا صدر القرار أو الحكم مخالفا لأي من المبادئ القضائية التي قررتها الهيئة أو الدوائر مجتمعة بالمحكمة حسب الأحوال، وذلك بدون العرض عليها، أو صدر مخالفا للمبادئ التي استقرت عليها المحكمة أو التي أصدرتها هيئة توحيد المبادئ بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية.
2 ــــ يقدم طلب الرجوع من الصادر ضده القرار أو الحكم الى رئيس المحكمة الاتحادية العليا أو رئيس محكمة النقض أو رئيس محكمة التمييز حسب الأحوال موقعا من محام مقبول للمرافعة أمامها ومصحوبا بتأمين مقداره عشرين ألف درهم، وإذا كان الرجوع من تلقاء نفس المحكمة يحيله رئيسها مصحوبا بتقرير من المكتب الفني الى الهيئة المنصوص عليها في البند الثالث من هذه المادة.
3 - ينظر طلب الرجوع أو إقرار الإحالة به المنصوص عليه في البند (2) من هذه المادة أمام هيئة مشكلة من أقدم خمسة قضاة بالمحكمة من غير من شاركوا في اصدار القرار أو الحكم، وتصدر الهيئة منعقدة في غرفة المشورة قرارا مسببا بأغلبية أربعة قضاة في طلب الرجوع،
ويصادر مبلغ التأمين عند رفض الطلب، وفي حال قبول الطلب يحال الى دائرة أخرى لنظر الطعن من جديد والفصل فيه مع رد مبلغ التأمين الى الطالب.
4 ـ وفي جميع الأحوال تكون الإحالة أو تقديم طلب الرجوع لمرة واحدة ولا يجوز احالته بعد انقضاء سنة من تاريخ صدور القرار من غرفة المشورة أو الحكم البات»( )
 وكان طلب الرجوع ضد القرار المطلوب الرجوع عنه يستند الى ان المحكمة المطعون بحكمها كانت رفضت الطعن بالنقض لسبب عدم توقيع المحامي على صحيفة الطعن بالنقض، فتقدم ذات الطاعن بطلب رجوع عن قرار رفض طعنه مؤكداً ان صحيفة الطعن بالنقض موقعة من المحامي وفقاً للأصول، وقد قبلت محكمة النقض طلب الرجوع عن القرار المطلوب الرجوع عنه لأنها اعتبرت ان صحيفة الطعن بالنقض كانت موقعة من الطاعن للأسباب التالية:
«أن الثابت بالاطلاع على صحيفة الطعن أنها متكونة من تسعة عشر صفحة وموقعة في الصفحة الأخيرة من قبل المحامية ..... المرخصة بالترافع أمام محكمة النقض ، وهذه الصفحة الأخيرة هي جزء من الصحيفة التي تمثل وحدة كاملة لا تتجزأ ... وأن توقيع الصحيفة من المحامي يكون في أي مكان منها ولم يشترط المشرع شكلا معينا للتوقيع أو مكانا محددا بل يكفي وجود التوقيع في آخر الصحيفة ونسبته الى صاحبه باعتبار أن المطلق يؤخذ على اطلاقه وأن الأصل بالنسبة للتوقيع هو افتراض صدوره ممن نسب اليه حتى يثبت العكس، ومن ثم ان الغاية من التوقيع ـــــ وهي ثبوت أن من وقع الصحيفة محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ـــــ قد تحققت بغض النظر عن مكان التوقيع أو شكله طالما أنه منسوب لصاحبه ولم يثبت خلاف ذلك المطعوم فيه»( )