Professor Dr Helmi Al Hajjar, Attorney at law
- Litigation, legal consultation and arbitration.
- Legal advice and services in the field of real estate, financial, commercial civil and administrative contracts and in the preparation of case memorandums for submission to the court of cassation under both Lebanese and UAE laws.
- Over 25 years of experience as a practicing lawyer through his own firm in Beirut, Lebanon in addition to his experience as a judge in Lebanon for 17 years and a judge in the commercial chamber in the court of cassation in Abu Dhabi.
- Professor at the higher institute of Legal studies at the faculty of law and political and administrative sciences at the Lebanese University in Beirut.
- Registered arbitrator at the Abu Dhabi Commercial Conciliation and Arbitration Center
Address: Madame Curie Street - Next to Atlantis - Inaam Building - 6th Floor North 
Mobile: + 961 3 788848, Landline: +961 1 788889
Email: hajjar.legal@gmail.com, emihajja43@gmail.com         

Back

محاماة واستشارات قانونية

أبحاث ومقالات

الاسباب الموجبة لالغاء المادة 49/3 من الدستور - في القانون العام

الدكتور حلمي محمد الحجار
06/12/2007  //  جريدة المستقبل


ان التعديل الدستوري الصادر عام  /1990/ أضاف فقرة ثالثة إلى المادّة /49/ من الدستور بالنص التالي:« لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة..... مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم ...»
    وهذا المنع لا مثيل له في دستور الجمهورية الثالثة في فرنسا المأخوذ عنه الدستور اللبناني، وبالفعل أن الدستور الفرنسي لم يكن يفرض أي شرط أو أي منع من أجل انتخاب رئيس الجمهورية، وكان مألوفاً انتخاب الرئيس من كبار الشخصيات المعروفة في فرنسا
    Il n'existe aucune condition d'éligibilité spéciale pour la présidence de la République; il suffit d'être électeur. En fait. Furent toujours élus des hommes exerçant de hautes fonctions politiques(1)
ومن ثم فإن المادّة /49/ من الدستور اللبناني، بصيغتها الأصلية، لم تكن تمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى ومن يماثلهم لرئاسة الجمهورية، وبقي الوضع  كذلك الى العام 1990 حيث تقرر المنع لأسباب مرتبطة بالأزمة السياسية التي نجمت عن وجود حكومة العماد ميشال عون (2).
وبالتالـي ان مبرر إضافة تلك الفقرة إلى المادّة /49/  كان سياسياً، ولم يكن مسنداً إلى أي سند قانوني، بل بالعكس أن المبادئ الدستورية والقانونية العامة تأبى تكريس مثل ذلك النص لانه يخالف مبدأ المساواة  بين المواطنين المكرس في المادّة /7/ من الدستور اللبناني وفي الشرع العالمية لحقوق الإنسان بدءً من شرعة حقوق الإنسان والمواطن التي صدرت في فرنسا عام 1789 مروراً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 1/12/ 1948والاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية الموقعة في روما بتاريخ 4/11/1950، وانتهاءً بالشرعة ( PACTE) الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والتي كان بدأ التوقيع عليها في نيويورك بتاريخ 19/12/1966، وقد انضم لبنان إليها بموجب القانون المنفذ بالمرسوم رقم 3855 الصادر بتاريخ 1/9/1972، كما انه يخالف روح الدستور ذاته التي يعبق منها عطر الحرية وتقديس الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين مع اوسع الضمانات لممارسة تلك الحقوق بأوسع قدر من الحرية ضمن حدود القانون
    وإذا كانت الفقرة المضافة عام 1990 إلى المادّة /49/ من الدستور تخالف مبدأ المساواة وتضرب بالحقوق المدنية والسياسية عرض الحائط لفئة من النخب في المجتمع اللبناني، فإنها  تبدو وكأنها عقوبة لشخص ارتكب كبرى الجنايات، بمعنى أن من يصل إلى الفئة الأولى في الوظيفة العامة يصبح وكأنه بلغ مرتبة من ارتكب جناية كبرى بحيث تفرض عليه عقوبة التجريد من ارفع حقوقه المدنية والسياسية
 وإذا كان يبدو للبعض ان هذا الكلام فيه بعض المبالغة فإن العودة لنصوص قانون العقوبات اللبناني ينفي وجود أية مبالغة، وبالفعل ان قانون العقوبات اللبناني  يحدد في المادّة /37/ وما يليها أنواع العقوبات وتصنيفاتها، ويأتي بين تلك العقوبات عقوبة التجريد المدني وهي عقوبة جنائية سياسية تنزل بمن يرتكب جناية سياسية ( المادّة 38 ق.ع.) وبمن يرتكب جناية كبرى بحيث يحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة ( المادّة 62/6 ق.ع.) حيث يحكم عليه بالتجريد المدني كعقوبة فرعية أو اضافية ( المادّة 42 ق.ع.) .
 وعقوبة التجريد المدني توجب حكماً، بين ما توجبه، حرمان المحكوم عليه من حقه في ان يكون ناخباً أو منتخباً ومن سائر حقوقه المدنية والسياسية( المادة 49/4 ق.ع.)
    ومن ثم فإن كبار موظفي لبنان من حاكم مصرف لبنان إلى رئيس التفتيش المركزي إلى رئيس مجلس الخدمة المدنية إلى سائر المديرين العامين في الدولة، وكذلك رئيس مجلس القضاء الاعلى وسائر القضاة من افراد السلطة القضائية هم بنظر مشترع الفقرة المضافة الى المادة /49/  بمنزلة من ارتكب كبرى  الجنايات بحيث يجردون من حقهم بتولي مركز الرئاسة الأولى !!!
    بالطبع قيل في تبرير إضافة تلك الفقرة إلى المادّة /49/ بأن ذلك كان لمنع شاغل إحدى تلك المراكز من استغلال  وظيفته سعياً للوصول إلى مركز الرئاسة الأولى، ونعتقد ان هذا التبرير يسيء إلى رئيس مجلس النواب ورؤساء الكتل في المجلس، كما ان التجربة العملية تدحضه إذا لم تكن تسطع بعكسه، وبالفعل:
     ـ لجهة الاساءة الى رئيس المجلس النواب ورؤساء الكتل فيه:  ان القول بان مجلس النواب يمكن ان يتأثر بموظف من الفئة الاولى حال ممارسة الاخير لوظيفته يضع رئيس المجلس ورؤساء الكتل فيه  في مرتبه أدنى من موظفي الفئة الاولى طالما ان الاخيرين  يمكن أن يؤثروا عليهم من خلال استغلال مركزهم الإداري.
 في حين ان مجلس النواب منوط به ليس فقط مراقبة اولئك الموظفين بل مراقبة رؤسائهم من اعضاء السلطة السياسية  ومراقبة السلطة الإجرائية بمجملها  عملاً بالنصوص الدستورية، وبالأخص نص الفقرة الأخيرة من المادّة /66/ ومؤداها  يتحمل الوزراء إجمالياً تجاه مجلس النواب تبعة سياسة الحكومة العامة ويتحملون افرادياً تبعة أفعالهم الشخصية، وعملاً بالمواد 60 و 61 و 70 التي تعطى مجلس النواب حق اتهام ومحاكمة رئيس الجمهورية  ورئيس الوزراء والوزراء
    فكيف نزل مشترع الفقرة المضافة إلى المادّة /49/ بالنواب، وبالاخص رؤساء الكتل ورئيس المجلس،  إلى تلك المرتبة  التي يخشى معها على اكثرية أعضاء مجلس النواب  بأن تتأثر بمدير عام في احدى إدارات  الدولة أو المؤسسات العامة وذلك عند التعبير عن رأيهم في مسألة من أهم المسائل في الحياة السياسية والدستورية في لبنان  وهي انتخاب رئيس الجمهورية؟
ـ لجهة دحض التبرير المعطى لاضافة تلك الفقرة الى الدستور بالتجارب العملية: ان الفقرة الثالثة اضيفت الى المادة /49/ من الدستور عام 1990 ولم تكن بالتالي موجودة قبل ذلك التاريخ، ومن ثم إذا عدنا بالذاكرة الى ما قبل عام /1990/  نجد ان بعض كبار الموظفين وصلوا الى سدة الرئاسة الاولى  دون ان يكون هناك أي حائل دستوري يمنعهم من ذلك، ولكن لم يكن ذلك نتيجة لاستغلال وظيفتهم بل كان ذلك لاياديهم البيضاء في عملهم وشعور اعضاء مجلس النواب وجمهور المواطنين بحاجة الوطن اليهم من خلال توليهم سدة الرئاسة الاولى
 ويكفي هنا ان ذكر المرحوم الرئيس فؤاد شهاب المرحوم والرئيس الياس سركيس وكلاهما تنطبق علية الفقرة المضافة الى المادة /49/ من الدستور، من هنا اطرح السؤال التالي: لو كانت الفقرة المضافة عام /1990/ موجودة سابقاً ومنعت وصول المرحومين شهاب وسركيس الى الرئاسة الاولى، فهل كان ذلك في مصلحة الوطن والمواطنين؟
اكثر من ذلك ان التجربة بعد تعديل عام /1990/ لم تمنع وصول احد المشمولين باحكام الفقرة المضافة الى المادة /49/ من الوصول الى مركز الرئاسة الاولى  بعد تعديل تلك الفقرة بزعم انه لمرة واحدة!!!
بالاضافة الى ذلك فان الفقرة المضافة تناقض مبادئ قانونية راسخة أهمها المبدأ القائل بأن « الأصل في الأشياء الإباحة» و « ما ثبت على خلاف القياس فغيره لا يقاس عليــه»
 ( المادّة 15 من مجلة الأحكام العدلية)
ان لبنان بلد يعتنق الايديولوجية التحررية ومن ثم فإن النظام القانوني السائد  فيه يقوم على مبادئ اساسية نظير مبدا المساواة وتكريس الحريات العامة والحريات السياسية. ولاشك في ان المنع الوارد في المادة /49/ من الدستور يخل إخلالاً فادحاً بمبدأ المساواة كما انه يضع قيودا على حقوق المواطن ـ  وأي مواطن  ـ المدنية والسياسية دون اي مبرر قانوني.  بل اكثر من ذلك إذ يبدو المنع وكأنه عقوبة جنائية نزلت بمواطن تفانى  واخلص ونجح  في خدمة بلده في احلك واصعب ظرف مر به لبنان.
 وإذا كان الوضع هو كذلك في الاحوال العادية فانه يشكل اليوم عقبة امام خلاص الوطن على من يد من اجمعت الارادة الوطنية على انه الربان القادر على النهوض بالوطن مما يتخبط به من اخطار محدقة  
    من هنا نعتقد انه من الاجدى الغاء الفقرة المضافة الى المادة /49/ بدل تكرار مهزلة تعديلها بصورةاستثنائية ولمرة واحدة  
                                                           المحامي د. حلمي الحجار

                                                                       
 (1) Droit Constitutionnel, Francis Hamom, Michel Troper,Georges
      Burdeau, 27e édition 2001, L.G.D.J, P.353.
 (2)     زهير شكر، الوسيط في القانون الدستوري، 2001، ص 621
 (3)  Geny Methode d interpretation et source en droit prive positif
               2 eme , Paris 1919