الدكتور حلمي محمد الحجار21/09/2007 // جريدة المستقبل
مقدمة
1 ـ طرح المشكلة: بداية لا بد من تسجيل ملاحظتين بشأن النصاب المطلوب في اجتماعات مجلس النواب:
الملاحظة الأولى: أن النص على النصاب ورد في عدة مواد من الدستور ليس بينها المادّة /49/، ومن ثم أن تفسير الدستور لجهة النصاب لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار جميع المواد الواردة بهذا الخصوص، لأن من أهم قواعد التفسير القاعدة التي تقول أنه عند غموض النص يفسره القاضي بالمعنى الذي يحدث معه أثراً يكون متوافقاً مع الغرض منه ومؤمناً التناسق بينه وبين النصوص الأخرى (1).
الملاحظة الثانية: ان اجتماع مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية يصنف، كبقية أعمال مجلس النواب، ضمن فئة الأعمال الجماعية المنفردة، وهي الأعمال التي تفرضها أكثرية على أقلية، ومن ثم يجب أن يأتي التفسير متوافقاً مع القواعد المقررة لصحة تكوين الأعمال الجماعية المنفردة سواء في حقل القانون العام أو حقل القانون الخاص.
والجدل محتدم اليوم في لبنان حول مسألة النصاب؛ ولكن يظهر أن هناك خلطاً بين النصاب وبين الأكثرية المطلوبة من الأصوات لفوز المرشح بالرئاسة، مع أن النص الدستوري جاء واضحاً لجهة التمييز بين النصاب المفروض لصحة اجتماعات مجلس النواب وبين الأكثرية المطلوبة لاتخاذ القرارات من المجلس ( أولاً)، وهذا التفريق يمكن أن يفيد في تعيين النصاب المطلوب مع التمييز هنا بين جلسة الانتخاب قبل الأيام العشرة الأخيرة من انتهاء الولاية ( ثانياً)، وبين الاجتماع الحكمي للمجلس في اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء الولاية ( ثالثاً).
أولاً: التفريق بين النصاب وبين الأكثرية:
2 ـ التمييز بين النصاب والأكثرية في المادة 34 من الدستور: فرضت ان المادّة /34/ من الدستور نصاباً معيناً لعقد اجتماعات مجلس النواب، كما فرضت تأمين أكثرية معينة للتصويت على المقررات، مميزة بشكل واضح ودقيق بين النصاب وبين الأكثرية المطلوبة للتصويت، وبالفعل نصت المادّة /34/، حرفياً على ما يلي: « لا يكون اجتماع المجلس قانونياً ما لم تحضره الأكثرية من الأعضاء الذين يؤلفونه وتتخذ القرارات بغالبية الأصوات... ».
لقد حدد الشطر الأول من النص المتقدم نصاباً معيناً ليكون اجتماع المجلس قانونياً، هذا النصاب يتألف من أكثرية الأعضاء الذين يؤلفون المجلس، أما الشطر الأخير منه فقد حدد الأكثرية المطلوبة من الأصوات لاتخاذ القرارات، وتلك الأكثرية تتمثل بغالبية الأصوات. 3 ـ الحـالات التـي فـرض فيها الدستور صراحة نصاباً أكبر من النصاب العادي: ولكن إذا كان النصاب العادي الذي لحظته المادّة /34/ من الدستور هو الأكثرية من الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً، فإن هناك نصوصاً أخرى في الدستور فرضت نصاباً مختلفاً لانعقاد المجلس، وبالفعل ان المادّة /79/ من الدستور تضمنت النص التالي: « عندما يطرح على المجلس مشروع يتعلق بتعديل الدستور لا يمكنه أن يبحث فيه أو أن يصوت عليه ما لم تلتئم أكثرية مؤلفة من ثلثي الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً ويجب أن يكون التصويت بالغالبية نفسها».
هنا حددت المادّة /79/ بشكل واضح النصاب المفروض لانعقاد الجلسة بالعبارة التالية: « لا يمكنه ( أي المجلس) أن يبحث فيه أو يصوت عليه ما لم تلتئم أكثرية مؤلفة من ثلثي الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً» فهذا الشق من المادّة /79/ يتعلق بالنصاب وهو يكون أقر صراحة نصاباً مختلفاً عن النصاب العادي الذي فرضته المادّة /34/ » ( راجع البند 2).
كما أن المادّة /79/ ذاتها حددت أيضاً بشكل واضح الأكثرية المطلوبة للتصويت على تعديل الدستور بالعبارة التالية: « ويجب أن يكون التصويت بالغالبية نفسها» فهذا الشق من المادّة 79 يتعلق بأكثرية الأصوات المطلوبة لاتخاذ القرار بالتعديل، وهي أكثرية مختلفة عن الأكثرية العادية الملحوظة في المادّة /34/ من الدستور،وهذا يعني أن الدستور ميز هنا أيضاً بشكل واضح وصريح بين النصاب وبين الأكثرية المطلوبة للتصويت.
من هنا يطرح التساؤل عن النصاب المطلوب عند اجتماع المجلس لانتخاب رئيس للجمهورية، هل هو النصاب المنصوص عنه في المادّة /34/ من الدستور، أم هو نصاب آخر؟ من أجل الجواب على السؤال المتقدم لا بدّ من التفريق بين اجتماع المجلس بدعوة من رئيسه وبين الاجتماع الحكمي للمجلس.
ثانياً: النصاب المطلوب في اجتماع المجلس بناء على دعوة من رئيسه
4 ـ طرح مشكلة النصاب: نص الشق الأول من المادّة /73/ من الدستور على ما يلي: « قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناءً على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد»، ويطرح هنا السؤال التالي: ما هو النصاب المفروض لانعقاد الجلسة، هل هو النصاب العادي المنصوص عنه في المادّة /34/، أم هو نصاب آخر غير ذلك.
ذهب رأي أول إلى القول بأن النصاب المطلوب هو النصاب العادي المنصوص عليه في المادّة /34/ من الدستور؛ ولكن المادّة /49/ فرضت أكثرية معينة تختلف عن الأكثرية المفروضة للتصويت الواردة في المادّة /34/، وتبعاً لذلك ذهب رأي ثان إلى القول بأن المادّة /49/ تضع شرطاً ضمنياً بشأن النصاب حيث يكون مساوياً للأكثرية المطلوبة للتصويت.
من هنا لا بد من التذكير بالحالات التي فرض فيها الدستور أكثرية معينة للتصويت تختلف عن الأكثرية العادية ولكن دون أن تفرض نصاباً يختلف عن النصاب العادي المنصوص عنه في المادّة /34/.
5 ـ حالات حدد فيها الدستور اللبناني أكثرية للتصويت مختلفة عن الأكثرية العادية دون أن يفرض توفر نصاب مختلف عن النصاب العادي المنصوص عليه في المادّة /34/: فرضت بعض النصوص في الدستور اللبناني ضرورة توفر أكثرية معينة للتصويت على بعض المواضيع دون أن تفرض نصاباً معيناً يختلف عن النصاب المنصوص عنه في المادّة /34/، وتلك النصوص هي التالية: المادتان /60/ و /70/ اللتان أجازتا اتهام أعضاء السلطة التنفيذية من قبل مجلس النواب بموجب قرار يصدره « بغالبية ثلثي مجموع أعضائه» ـ المادة /77/: التي أجازت « لمجلس النواب أن يبدي اقتراحه بأكثرية الثلثين من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانوناً بإعادة النظر بالدستور... »
ـ المادة 49 التي تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، وهي تتضمن النص التالي:« ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي».
يسطع من النصوص المتقدمة انها نصت على أكثرية للتصويت تختلف عن الأكثرية العادية المنصوص عليها في المادّة /34/ من الدستور( راجع البند 2). ولكن دون أن تفرض نصاباً معيناً لاجتماع المجلس يختلف عن النصاب المفروض في المادّة /34/ ( راجع البند 2).
6 ـ النتائج التي يمكن استخلاصها من المادّة /49/ من الدستور بشأن النصاب والأكثرية ـ تعدد الآراء بشأن النصاب ـ تقويم: تناول رجال القانون في لبنان المادّة /49/ من الدستور بالشرح والتفسير وخلصوا إلى آراء مختلفة بشأنها، فذهب رأي أول إلى القول أن المادّة /49/ تفرض نصاباً لانعقاد المجلس من أجل انتخاب الرئيس يساوي ثلثي أعضاء مجلس النواب (2)، وذهب رأي ثانٍ إلى أن النصاب المطلوب هو فقط النصاب العادي المنصوص عنه في المادّة /34/ من الدستور (3).
ونعتقد أن الرأي الأول الذي يقول بنصاب الثلثين يتجاوز قواعد تفسير النصوص القانونية وهو في الواقع يشكل إضافة إلى النص الدستوري وليس تفسيراً له، وبمعنى أوضح أن هذا الرأي كأنه يضيف فقرة إلى المادّة /49/ مماثلة للفقرة الأولى من المادّة /34/ التي تنص على « ان اجتماع المجلس لا يكون قانونياً ما لم تحضره الأكثرية من الأعضاء ...» ومماثلة أيضاً للشق الأول من المادّة /79/ التي تنص على أنه عندما يطرح على المجلس مشروع يتعلق بتعديل الدستور« لا يمكنه أن يبحث فيه أو يصوت عليه ما لم تلتئم أكثرية مؤلفة من ثلثي الأعضاء»، فالفقرتان المشار إليهما والواردتان في المادتين 34 و 79 من الدستور تتعلقان بالنصاب ولا مثيل لهما في المادّة /49/ المتعلقة بانتخاب الرئيس، ومن ثم فإن تطبيق حكمهما على المادّة /49/ يشكل إضافة على نص المادّة /49/ وليس تفسيراً لها.
أكثر من ذلك أن فرض نصاب لاجتماع مجلس النواب يتجاوز النصف يشكل استثناء من المبدأ العام بشأن النصاب المفروض في المادّة /34/ من الدستور، وهنا أيضاً من أهم قواعد التفسير ان الاستثناء من القاعدة العامة لا يستنتج استنتاجاً ولا يمكن القياس عليه عملاً بالقاعدة الكلية الواردة في المادّة /15/ من مجلة الأحكام العدلية ومؤداها: « ما ثبت على خلاف القياس فغيره لا يقاس عليه».
كذلك أن فرض نصاب غير منصوص عليه في المادّة /49/ ولا في المادّة /73/ من الدستور بحجة تفسـير المــادّة /49/ يخالف طبيعة الأعمــال الجماعية المنفـردة (راجع البند 1)، وبالفعل أن النصاب المفروض لانعقاد الاجتماعات والجلسات في الأعمال الجماعية سببه تعذر اجتماع جميع أعضاء المجموعة، ومن ثم فإن فرض حضور جميع الأعضاء أو القسم الأكبر منهم قد يؤدي إلى عرقلة العمل واتخاذ القرارات الضرورية لصالح المجموعة، لذلك فإن الاكتفاء بنصاب معين، بدلاً من فرض اجتماع جميع الأعضاء أو القسم الأكبر منهم، يأتلف مـع طبيعـة
الأعمال الجماعية (4)
وبالفعل نلاحظ، سواء في حقل القانون الخاص أو القانون العام، أن المشترع عندما يفرض نصاباً معيناً لانعقاد اجتماع مجموعة لاتخاذ قرار بشأن عمل جماعي منفرد، يقرر دوماً تناقص النصاب في الاجتماعات المتلاحقة تسهيلاً لاتخاذ القرار؛ هذا ما نلاحظه مثلاً في النصاب المفروض لانعقاد المجلس البلدي حيث تلحظ المادّة /34/ من قانون البلديات تناقص النصاب من النصف إلى الثلث، كذلك في حقل القانون الخاص تلحظ المادّة /193/ من قانون التجارة تناقص النصاب من الثلثين إلى النصف ثم إلى الثلث لانعقاد الجمعية التأسيسية في الشركات المساهمة. وضمن السياق ذاته جاء المشرع الدستوري يستغني عن فرض أي نصاب خاص لعقد الاجتماع لانتخاب رئيس جديد للجمهورية مكتفياً بالنصاب العادي الملحوظ في المادّة /34/ من الدستور.
وإذا كان تفسير البعض للمادّة /49/ من الدستور يتضمن في الواقع إضافة لفقرة لم تتضمنها تلك المادّة ولا المادّة /73/ من الدستور، فنتساءل عما إذا كانت تلك الإضافة تبقى ممكنة برأيهم عند اجتماع المجلس حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء الولاية؟
ثالثاً: الاجتماع الحكمي للمجلس في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس
7 ـ النص الدستوري على الاجتماع الحكمي للمجلس: احتاطت المادّة /73/ من الدستور في شقها الثاني لحالة عدم اجتماع المجلس قبل اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس، فاعتبرت أن المجلس يصبح عندئذٍ مجتمعاً حكماً، وبالفعل أضافت المادّة /73/ في شقها الأخير أنه « إذا لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض ـ أي لانتخاب الرئيس ( راجع البند 4) ـ فإنه يجمتع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس».
والنص المتقدم مشابه لنص ورد في المادّة /2/ من القانون الدستوري الصادر في فرنسا بتاريخ 25/2/1875 بشأن انتخاب رئيس الجمهورية طبقاً لأحكام الدستور في الجمهورية الثالثة، وفي هذا الصدد كتب الفقيه في القانون الدستوري Georges Burdeau:
« En cas de vacance normale de la Présidence, c’est-à-dire quand le mandat presidential arrive à expiration, c’est le Président en fonction qui convoque l’Assemblée Nationale un mois avant la fin de ses propres pouvoirs. S’il omettait cette formalité, l’Assemblée se réunirait d’elle même quinze jour avant l’expiration du septennat (5)
8 ـ الاجتماع الحكمي للمجلس لانتخاب الرئيس حالة مستجدة في لبنان لم تحصل سابقاً: في الواقع ان الاجتماع الحكمي للمجلس لانتخاب رئيس للجمهورية هي حالة مستجدة لم تحصل في لبنان سابقاً، ومن ثم فإن الاجتهادات والسوابق التي يجري تداولها بشأن توفر الثلثين قبل بدء عملية الاقتراع، وبمعزل عن البحث في قيمة تلك السوابق، لا يمكن التذرع بها في حالة الاجتماع الحكمي للمجلس. وبالفعل ان الانتخابات لرئاسة الجمهورية لم تحصل، حسب علمنا، ولامرّة بناءً لاجتماع حكمي للمجلس في الأيام العشرة الأخيرة التي كانت تسبق انتهاء ولاية الرئيس لأن كل الاجتماعات لانتخابات الرئيس كانت تحصل بناءً لدعوة من رئيس المجلس وضمن الفترة المحددة في الشطر الأول من المادّة /73/ من الدستور.
ومن ثم إذا كان المجلس يعتبر مجمتعاً حكماً لانتخاب الرئيس في اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء الولاية، فعندها يمكنه أن يباشر في أية لحظة انتخاب الرئيس ولا يكون مقيداً بأي قيد لجهة قانونية الاجتماع سواء لجهة توجيه الدعوة من رئيسه إلى الاجتماع أو حتى لجهة النصاب، ويمكن تصوير الاجتماع الحكمي للمجلس وكأن جميع أعضاء المجلس هم ضمن هذا الاجتماع حضروا فعلياً أو لم يحضروا، بحيث أن غيابهم يكون بمثابة الامتناع عن التصويت.
أن المهم بنظر المشّرع الدستوري أن يحصل انتخاب الرئيس طبقاً للأكثرية المفروضة للفوز في المادّة /49/ وبعبارة أوضح يمكن للمجلس، طالما أنه في حالة اجتماع حكمي لانتخاب الرئيس، أن يباشر فوراً بعملية الانتخاب في اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء الولاية، لأن الدستور نفسه فرض عليه ذلك في المادّة /75/ من الدستور ومؤداها: « ان المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر».
وأخيراً أن السؤال الذي يطرح في ختام هذه الدراسة هو التالي:
هل أن التفسير العلمي والموضوعي للقانون بشكل عام وللدستور بشكل خاص يمكنه أن يصنع السياسة أو أن السياسة هي التي تفسر القانون والدستور وبالتالي تصنعهما؟؟
لعل الأحداث الداخلية التي توالت خلال السنة الأخيرة في لبنان تشهد على الصراع بين السياسة والقانون من أجل رسم مستقبل لبنان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) المادّة 4 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني ( المرسـوم الاشتراعي رقم 90/83)
(2) ادمون رباط، الوسيط في القانون الدستوري اللبناني، دار العلم للملايين، بيـروت، الطبعة الأولى،
ص 669 وما يليها.
(3) عبدو عويدات، النظم الدستورية في لبنان والبلاد العربية والعالم، منشورات عويدات، بيروت،
1961، ص/513/ وما يليها؛ زهير شكر، الوسيط في القانـون الدستوري، اللبناني، دار بلال
للطباعة والنشر، كانون الثاني 2001 ص 608 وما يليها، أنور الخطيب، المجموعة الدستورية
ـ دستور لبنان ـ ج2، الطبعة الأولى 1970 ص 106 وما يليها
(4) Roujou de Boubé Gabriel, essai sur l’acte juridique collectif, these, Toulouse, L.G.D.J 1961,P2 et S. (5) Droit Constitutionnel et institutions politiques, 13éme éd.p.312.