الدكتور حلمي محمد الحجار28/05/2018 // جريدة النهار
نصت الفقرات أ / ب / ط من المقدمة التي أُضيفت الى الدستور اللبناني بعد اتفاق الطائف بموجب المادة الاولى من القانون الدستوري رقم 18 الصادر في 21/9/1991 على ما يلي:
أ ـــ لبنان وطن سيد حر مستقل، ....
ب ـــ لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول االعربية وملتزم مواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الإنسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء.
ط ـــ أرض لبنان ارض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الاقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.
هذه المبادئ الواردة في مقدمة الدستور هي مبادئ وطنية اساسية يقوم عليها كيان الوطن والدولة، ومن ثم لا يجوز ان تكون محل خلاف سياسي بين الاحزاب التي تعترف بالدستور وتشارك في السلطة على اساس هذا الدستور. وتبعاً لذلك يجب ان يكون هناك اتفاق بين جميع مكونات المجتع اللبناني على تربية المواطن اللبناني على احترام هذه المبادئ.
ولن اتناول بالتعليق هنا على كل الخروقات التي تطال هذه المبادئ الوطنية في الحياة السياسية في لبنان، بل اتوقف فقط عند ما شهدته العملية الانتخابة وما أفرزته من نتائج تتناقض كليا مع ما ورد في الدستور، واعني هنا ما ورد في الفقرة ط من مقدمة الدستور التي وردت صريحة بمنع فرز الشعب على أساس أي انتماء كان، وبالاخص الإنتماء المذهبي. ذلك ان القانون الذي جرت الانتخابات في ظله وضع على قياس المذاهب وجاء يشجع الفرز المذهبي، ثم جاءت العملية الانتخابية ونتائجها تمعن في هذا الفرز المذهبي، ويكفي ان نذكر كيف ان اللوائح كانت تحاول شد العصب المذهبي لكسب اصوات الناخبين، ثم جاءت بعد اعلان النتائج تفتخر بان احداً من الطوائف الأخرى لم يخترقها أو انها الممثلة الوحيدة للطائفة او للجزء الاكبر منها.
ماذا بقى من المواطنية في ظل هذا الفرز المذهبي، خصوصاً بعد ان اختلط الانتماء المذهبي بالانتماء السياسي أحياناً وتحول هذا الانتماء الى ولاء سياسي. ان يفاخر اي فريق سياسي بأنه فاز بكل مقاعد الطائفة أو باكثرها فهذه حالة مرضية للوطن.
واعتقد ان من وضع الفقرة ط من المقدمة التي أُضيفت الى الدستور بعد الطائف، وبالأخص الفقرة القائلة ان «لا فرز للشعب على أساس أي انتماء»، كان يقصد فيها التصدي لمخططات دولة العدو الاسرائيلي، تلك المخططات التي كانت تعبر عنها خطابات قادة اسرائيل اللذين كانوا، منذ نشأتها، يبشرون بان استمرارها كجسم غريب صغير داخل الوطن العربي يتوقف على نجاحها في تفتيت الدول العربية المحيطة بها الى قبائل ومجتمعات مذهبية متناحرة بينها، فهل نحن نسير بدون ان ندري بما يخطط لنا العدو؟ والأخطر ان نكون على دراية بذلك ونستمر في هذه المسيرة المدمرة للوطن وللمكونات الاجتماعية التي يتألف منها؟