الدكتور حلمي محمد الحجار11/06/2018 // جريدة النهار
يوم الثلاثاء الواقع فيه 5/6/2018 ارسلنا الى جريدة النهار مقالة للنشر في صفحة المنبر بعنوان مرسوم التجنيس لا يعالج بوضع العربة امام الحصان، ويوم الاربعاء الواقع فيه 6/6/2018 نشرنا هذه المقالة على صفحتنا في الفايسبوك، وصباح الخميس الواقع فيه 7/6/2018 نشرت جريدة النهار في الصفحة الاخيرة منها رسم كاريكاتوري بريشة الفنان ارمان حمصي. وفي ذات اليوم نشرنا ذات الرسم الكاريكاتوري مع تعليق لنا؛ إلاّ ان اول صفحة منبر صدرت بعد ان ارسلنا مقالاتنا للنهار عن مرسوم التجنيس لم تصدر إلاّ في عدد اليوم الواقع فيه 11/5/2018، مع الملاحظة ان الصفحة السابقة للمنبر كانت في عدد 1/6/2018. لذلك نعيد نشر ذات المقالة كما وردت في جريدة النهار بتاريخ اليوم الواقع فيه 11/6/2018
مرسوم التجنيس لا يعالج بوضع العربة أمام الحصان
تنص المادة الثالثة من القرار 15 المكمل بالقرار رقم 1960 الصادر بتاريخ 16/7/1934 والقرار رقم 122 ل.ر تاريخ 19/6/1939 على انه «يجوز ان يتخذ التابعية اللبنانية وبموجب قرار من رئيس الدولة بعد التحقيق وبناء على طلب يقدمه:
ـــ الاجنبي الذي يثبت إقامته سحابة خمس سنوات غير منقطعة في لبنان.
ـــ الاجنبي الذي يقترن بلبنانية ويثبت أنه أقام مدة سنة في لبنان اقامة غير منقطعة منذ اقترانه.
ـــ الاجنبي الذي يؤدي للبنان خدمات ذات شأن
ـــ ويجب أن يكون قبوله بموجب قرار منفصل عن الاسباب. ...»
يتضح من هذا النص ان صدور القرار أو المرسوم بمنح الجنسية لا يمكن ان يصدر إلاّ بعد إجراء تحقيق، حيث يبنى المرسوم على ما أثبته هذا التحقيق ومدى توفر أيٍ من الحالات الثلاثة التي كانت سبباُ لمنح الجنسية لهذا أو ذاك ممن وردت اسماؤهم في القرار أو المرسوم. وهذا يعني ان التحقيق هو الذي يجرّ العربة في مرسوم منح الجنسية اللبنانية للاجنبي حتى يصل القرار الى نهايته المرجوة بصدور هذا المرسوم، وبعبارة أوضح ان الأسماء التي تمتلء بها عربة المرسوم يفترض ان يقودها حصان التحقيق حول سيرة من ركبوا أو رُكّبوا في تلك العربة حتى تصل العربة الى المكان المتجهة اليه، وهو المكان الذي يصدر فيه المرسوم. أمّا إذا لم يوجد أي حصان أمام العربة لجرها فيفترض ان تبقى العربة في مكانها.
وإذا صدقت وسائل الاعلام حول كيفية صدور مرسوم التجنيس ومن ثم تكليف حضرة مدير الامن العام التحقيق حول كل الاسماء الواردة في المرسوم، فمعنى ذلك ان العربة وضعت وسارت على السكة حتى وصلت الى مبتغاها دون ان يجرّها اي حصان!!!
وإذا كان يجوز لنا ان نتكلم بشكل صريح ونترجم الوقائع المحكى عنها بمفاهيم قانونية حتى يجوز لنا ان نعطي رأياً حول الحل الواجب اعتماده لمرسوم التجنيس فنقول:
1 ـــ ترجمة الوقائع بمفاهيم قانونية: وفقاً للنص القانوني المشار اليه اعلاه يبدأ مرسوم التجنيس بطلب يقدمه صاحب العلاقة، يليه تحقيق يقود باتجاه المراجع المختصة باصدار المرسوم.
وهذا يعني ان المرسوم الذي صدر لا يزال بمرحلة تقديم الطلبات ممن وردت اسماهم فيه، ومن ثم يفترض ان يكون النص الذي صدر لا يزال مجرد مشروع لم يكتمل، ذلك اننا لا زلنا امام طلبات تقدم بها بعض الأجانب بهدف اكتساب الجنسية اللبنانية، ولم يتم التحقيق المطلوب بشأنها.
من هنا نطرح الرأي المتواضع التالي لحل مشكلة المرسوم
2 ـــ الحل القانوني لمشكلة المرسوم: الحل يكون باسترداد مرسوم التجنيس، وهذا الحل متاح قانونياً في المرحلة الحالية. أمّا في حال انتظار نتائج التحقيق فقد تقف بوجه الحل القانوني مشاكل قانوية قد يصعب تجاوزها، ذلك انه يجوز للإدارة خلال مهلة شهرين ان تسترد القرار الاداري الصادر عنها دون ان يقف بوجهها اي عائق، وطريقة الاسترداد هنا تكون بصدور مرسوم بذات الصيغة عملاً بمبدأ موازاة الصيغ.
أما ان ننتظر نتائج التحقيق الذي يجريه الأمن العام، فنكون كرسنا مخالفة قانونية وذلك بالابقاء على مرسوم بمنح الجنسية لم يسبقه تحقيق بل جرى التحقيق بعد صدور المرسوم!!!
أكثر من ذلك إذا صدقت وسائل الإعلام بان عدد الذين شملهم المرسوم في حدود الاربعماية، وإذا أُريد لهذا التحقيق ان يصل فعلاً الى حقيقة السيرة الشخصية لكل من ورد اسمه في المرسوم، فقد يستغرق هذا التحقيق سنة أو أكثر، أو على الأقل لا يمكن ان ينتهي قبل مهلة الشهرين التي يجوز فيها للادارة ان تسترد المرسوم، وعندها نصبح أمام وضعية قانونية جديدة هي تلك التي يجوز فيها للادارة ان تنزع الجنسية اللبنانية عمن منحته اياها سابقاً، وهي الحالات المنصوص عنها في القانون الصادر بتاريخ 31/1/1946 بشأن الجنسية اللبنانية وعددها ست حالات لا مجال لذكرها في هذه المقالة.