Professor Dr Helmi Al Hajjar, Attorney at law
- Litigation, legal consultation and arbitration.
- Legal advice and services in the field of real estate, financial, commercial civil and administrative contracts and in the preparation of case memorandums for submission to the court of cassation under both Lebanese and UAE laws.
- Over 25 years of experience as a practicing lawyer through his own firm in Beirut, Lebanon in addition to his experience as a judge in Lebanon for 17 years and a judge in the commercial chamber in the court of cassation in Abu Dhabi.
- Professor at the higher institute of Legal studies at the faculty of law and political and administrative sciences at the Lebanese University in Beirut.
- Registered arbitrator at the Abu Dhabi Commercial Conciliation and Arbitration Center
Address: Madame Curie Street - Next to Atlantis - Inaam Building - 6th Floor North 
Mobile: + 961 3 788848, Landline: +961 1 788889
Email: hajjar.legal@gmail.com, emihajja43@gmail.com         

Back

محاماة واستشارات قانونية

أبحاث ومقالات

التنظيم القضائي وقواعد اختصاص المحاكم في دستور دولة الإمارات العربية المتحدة - في القانون الخاص

البروفسور حلمي الحجار
27/06/2024




التنظيم القضائي وقواعد اختصاص المحاكم في دستور دولة الإمارات العربية المتحدة
بقلم البروفسور حلمي الحجار مستشار سابقاً في محكمة النقض في أبوظبي
تمهيد
1 – الدستور الاماراتي جعل من القضاء سلطة مستقلة موازية كبقية السلطات الاتحادية في الدولة: جاء الباب الرابع الدستور الاماراتي بعنوان السلطات الاتحادية، وقد استُهل هذا الباب بالمادة 45 منه بتوزيع هذه السلطات بين خمس جهات هي التالية: 
1 - المجلس الأعلى للاتحاد.
2 - رئيس الاتحاد ونائبه.
3 - مجلس وزراء الاتحاد.
4 - المجلس الوطني الاتحادي.
5 - القضاء الاتحادي.
 وفي المواد اللاحقة خصص لكل سلطة من هذه السلطات فصلاً مستقلاً نظم فيه تشكيل وعمل واختصاصات كل منها؛ وجاء تنظيم القضاء الاتحادي في الفصل الخامس بستة عشر مادة (المادة 94 الى المادة 109)، وجاء الفصل بعنوان القضاء في الاتحاد والإمارات.
 وتبعاً لذلك يكون الدستور الاماراتي جعل من القضاء سلطة دستورية وبضمانات دستورية لا يمكن تعديلها الا بتعديل الدستور ذاته؛ وهذه ميزة إزاء دول أخرى كالدولة اللبنانية التي خصص دستورها مادة وحيدة للسلطة القضائية هي المادة 20 ومؤداها: السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاء وللمتقاضين الضمانات اللازمة. اما شروط الضمانة القضائية وحدودها فيعينها القانون. هذا في وقت نظم فيه الدستور اللبناني طريقة تشكيل وتولية واختصاصات وعمل بقية السلطات بشكل مسهب، الأمر الذي يعني ان القضاء في لبنان ترك تنظيمه للقانون أي للمشرع الذي جعله في القوانين، التي أصدرها بعد ذلك، مصلحة من مصالح السلطة التنفيذية. وهذا ما جعل رجال القانون في لبنان يطالبون دوماً بقانون استقلالية السلطة القضائية . 
وإذا كان الدستور الإماراتي جعل من القضاء سلطة دستورية فانه وضع القواعد الأساسية للتنظيم القضائي في الدولة (الفقرة الأولى) كما حدد قواعد اختصاص المحاكم المتعددة في الدولة (الفقرة الثانية) 
الفقرة الأولى: التنظيم القضائي
2 - الشكل الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة يستتبع وجود محاكم اتحادية ومحاكم محلية داخل الإمارات أعضاء الاتحاد - استقلالية كل منهما عن الأخرى: تقوم في الدول الاتحادية سلطتان، إحداهما محلية داخل كل دولة عضو من الدول أعضاء الدولة الاتحادية، والأخرى اتحادية تنبثق من الدولة الإتحادية بكاملها وتبسط سلطتها على كامل أراضي الدولة، وهي السلطة التي يتولاها الاتحاد في الشؤون التي أنيطت بالسلطات الاتحادية في الدولة. وكون المحاكم هي إحدى أجهزة السلطة فلا بد من ان توجد في الدولة الاتحادية، على الأقل، جهتان قضائيتان:
الجهة الأولى هي جهة القضاء الاتحادي ويشمل اختصاصها كل أراضي الاتحاد في الأمور التي أناطها الدستور بالسلطة الاتحادية في الدولة.
والجهة الثانية هي جهة القضاء المحلي داخل كل دولة عضو من أعضاء الاتحاد، التي يقتصر اختصاصها الجغرافي، ضمن أراضي الدولة العضو التي تنشأ فيها، على الفصل بالأمور التي تركها الدستور للسلطة المحلية داخل كل دولة عضو من أعضاء الاتحاد .
 وإذا عدنا الى دستور دولة الإمارات العربية المتحدة نجد انه اعتمد الشكل الاتحادي للدولة، وبالفعل فهو استُهل بان إرادة شعب الإمارات قد تلاقت على قيام اتحاد بين هذه الإمارات ورغبةً في إنشاء روابط أوثق بين الإمارات العربية في صورة دولة اتحادية .... ورغبةً كذلك في إرساء قواعد الحكم الاتحادي. ومن ثم نصت المادة الأولى من الدستور على ان «الإمارات العربية المتحدة دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة، ويشار إليها فيما بعد في هذا الدستور بالاتحاد. ويتألف الاتحاد من الإمارات التالية: أبوظبي - دبي - الشارقة - عجمان - أم القيوين - الفجيرة - رأس الخيمة» (تمت إضافة عبارة رأس الخيمة بمقتضى قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم 2/72)
ومن ثم، وكنتيجة طبيعية لكون دولة الإمارات هي دولة اتحادية، كان لا بد للدستور وعلى غرار ما هو معمول به في الدول الاتحادية، من ان يلحظ وجود جهتين قضائيتين: 
الأولى هي جهة القضاء الاتحادي والثانية هي جهة القضاء المحلي داخل كل إمارة من الإمارات أعضاء الاتحاد.
 وبالفعل جاء الفصل الخامس من الباب الرابع من الدستور، الذي نظم السلطات الاتحادية في الدولة بعنوان «القضاء في الاتحاد» ونصت المادة 95 منه على انه «يكون للاتحاد محكمة اتحادية عليا، ومحاكم اتحادية ابتدائية». كما نصت المادة 104 على ان «تتولى الهيئات القضائية المحلية في كل إمارة جميع المسائل القضائية التي لم يعهد بها للقضاء الاتحادي بمقتضى أحكام هذا الدستور» (راجع لاحقاً البند 10)
ومن ثم تركت المادة 105 من الدستور ذاته للإمارات أعضاء الاتحاد نقل كل أو بعض اختصاصاتها الى المحاكم الاتحادية، فنصت على انه «يجوز بقانون اتحادي، يصدر بناءً على طلب الإمارة المعنية، نقل كل أو بعض الاختصاصات التي تتولاها هيئاتها القضائية المحلية بموجب المادة السابقة إلى المحاكم الاتحادية الابتدائية» . 
3 - استقلالية المحاكم المحلية داخل الإمارات أعضاء الاتحاد عن بعضها البعض واستقلاليتها كذلك عن المحاكم الاتحادية: ان كلاً من المحاكم الاتحادية والمحاكم المحلية في الإمارات أعضاء الاتحاد تمثل جهة قضائية مستقلة عن الأخرى، كما أن كل جهة قضائية محلية في إمارة من الإمارات هي أيضاً جهة قضائية مستقلة عن مثيلاتها في الإمارات الأخرى. وتتبع المحاكم الاتحادية السلطة الاتحادية، في حين تتبع المحاكم المحلية في كل من الإمارات أعضاء الاتحاد السلطة المحلية في الإمارة. وذلك لأن ولاية القضاء من أعمال السيادة التي تمارسها الإمارة على أراضيها في جميع الشؤون التي لا يختص بها الاتحاد بمقتضى المادة الثالثة من الدستور، بدليل ان المادة 99 من الدستور ذاته أناطت بالمحكمة الاتحادية العليا في الفقرتين السابعة والثامنة منها ولاية الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية المحلية في الإمارات أو بين هيئة قضائية في إمارة وهيئة قضائية في إمارة أخرى، ومثل هذا التنازع لا يتحقق إلا إذا كان القضاء الاتحادي – في مفهوم المشرع – جهة مستقلة عن الهيئات القضائية المحلية وكانت كل هيئة قضائية في أية إمارة هي جهة قضائية مستقلة عن مثيلاتها في الإمارات الأخرى.
4 - تطور النصوص بخصوص إنشاء المحاكم وتشكيلها: ان أول نص بإنشاء المحاكم في الدولة الاتحادية في الإمارات العربية المتحدة كان نص المادة 95 من الدستور التي نصت على ان يكون للاتحاد محكمة اتحادية عليا، ومحاكم اتحادية ابتدائية. وأضافت المادة 103 على ان ينظم القانون كل ما يتعلق بالمحاكم الاتحادية الابتدائية... ويجوز أن ينص القانون على استئناف أحكام تلك المحاكم أمام إحدى دوائر المحكمة الاتحادية العليا في الحالات وبالإجراءات التي يحددها. كما نصت المادة 104/2 من ذات الدستور على ان يحدد بقانون اتحادي الحالات التي يجوز فيها استئناف أحكام الهيئات القضائية المحلية في القضايا الجزائية والمدنية والتجارية وغيرها أمام المحاكم الاتحادية على أن يكون قضاؤها عند الفصل في هذا الاستئناف نهائياً. 
وهذا يعني ان الدستور جعل من المحكمة الاتحادية العليا محكمة استئناف للمحاكم الابتدائية. ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً. وبالفعل صدر القانون رقم 10/73 ومن بعده القانون رقم 33/2022 بشأن المحكمة الاتحادية العليا ونص على ان تنشأ في دولة الإمارات العربية المتحدة محكمة عليا تسمى بالمحكمة الاتحادية العليا، وتكون هذه المحكمة الهيئة القضائية العليا في الاتحاد. وأضافت المادة الثانية بان مقر المحكمة العليا يكون في عاصمة الاتحاد أي في مدينة أبوظبي، ويجوز لها أن تعقد جلساتها عند الاقتضاء في أية عاصمة من عواصم الإمارات الأعضاء في الاتحاد. وبينت المادة الثالثة من القانون كيفية تشكيل المحكمة بالقول انها تشكل من رئيس وأربعة قضاة، ويشار إلى رئيسها في هذا القانون برئيس المحكمة. وأضافت المادة 9 على انه تصدر الأحكام من دائرة مشكلة من خمسة قضاة في المسائل المنصوص عليها في البنود السبعة الأولى من المادة (33)
وفيما عدا ذلك تصدر الأحكام من دائرة مشكلة من ثلاثة قضاة وبالأغلبية في الحالتين. 
ويجوز أن تتولى الدائرة المشكلة من ثلاثة قضاة الفصل في كافة المنازعات والطلبات التي تنظر خلال العطلة القضائية.
ثم صدر القانون رقم 3/1983 الذي حل محله المرسوم بقانون اتحادي رقم 32/2022 بشأن السلطة القضائية الاتحادية ونص في المادة 12 منه على ان تتكون المحاكم الاتحادية في دولة الإمارات العربية المتحدة من: 1 - المحكمة الاتحادية العليا.2 - المحاكم الاتحادية الاستئنافية. 3 - المحاكم الاتحادية الابتدائية. 
وتمارس المحكمة الاتحادية الابتدائية اختصاصها في حدود عاصمة الاتحاد الدائمة أو في دائرة الإمارة التي يقع مقر المحكمة في عاصمتها بحسب الأحوال
5 - المحاكم الاتحادية الابتدائية: كانت المحاكم الاتحادية الابتدائية، قبل صدور القانون رقم 42/2022، تشكل من دوائر كلية تتألف من ثلاثة قضاة ودوائر الجزئية تتشكل من قاضٍ فرد (المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية لعام 1992). جاء قانون الإجراءات المدنية الجديد لعام 2022 وألغى الدائرة الكلية وجعل المحكمة الابتدائية مؤلفة من قاض فرد (المادة 29).
 ولا شك ان نظام القاضي الفرد في المحكمة الواحدة يزيد في انتاجية المحاكم لان سيجعل من المحكمة الواحدة ثلاث محاكم كما ان القاضي الفرد سيشعر بمسؤولية أكبر عن عمله لأن الحكم سيظهر بالضرورة، للمتقاضين ولزملائه ولأجهزة الرقابة، مقترناً باسمه وحده الأمر الذي يجعله يتحمل وحده مسؤولية الحكم كما يُتيح له ان يتميّز في عمله وفي احكامه عن زملائه، وهذا ما يدفعه لأن يبذل قصارى جهده علماً وضميراً في أحكامه.
ويكون مقر المحاكم الاتحادية الابتدائية في عاصمة الاتحاد الدائمة وفي عواصم الإمارات التي صدر أو يصدر قانون اتحادي بإنشاء محاكم اتحادية فيها، ومن ثم تمارس المحكمة الاتحادية الابتدائية اختصاصها في حدود عاصمة الاتحاد الدائمة أو في دائرة الإمارة التي يقع مقر المحكمة في عاصمتها بحسب الأحوال.
ويجوز أن يكون لهذه المحاكم دوائر في غير عواصم الإمارات سالفة الذكر من مدن أو مناطق تلك الإمارات، وتؤلف المحكمة الاتحادية الابتدائية من رئيس وعدد كافٍ من القضاء. وتكون بها دائرة أو أكثر لنظر المواد الجنائية ودائرة أو أكثر لنظر المواد المدنية والتجارية والمواد الأخرى. ويكون تأليف الدوائر وتوزيع القضاة عليها بقرار من وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بعد أخذ رأي رئيس المحكمة.
6 - محاكم الاستئناف الاتحادية: تتألف محاكم الاستئناف من دوائر تصدر أحكامها من ثلاثة قضاة. ويكون مقر المحاكم الاتحادية الاستئنافية في عاصمة الاتحاد الدائمة وفي عواصم الإمارات التي صدر أو يصدر قانون اتحادي بإنشاء محاكم اتحادية استئنافية فيها، 
وتؤلف المحكمة لاتحادية الاستئنافية من رئيس وعدد كافٍ من القضاة. وتكون بها دائرة أو أكثر لنظر المواد الجنائية ودائرة أو أكثر لنظر المواد المدنية والتجارية والمواد الأخرى، ويرأس الدائرة رئيس المحكمة أو أحد قضاتها. ويكون تأليف هذه الدوائر وتوزيع القضاة عليها بقرار من وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بعد أخذ رأي رئيس المحكمة. 
وتختص المحاكم الاتحادية الاستئنافية بالنظر في طعون الاستئناف التي ترفع عن الأحكام الجائز استئنافها قانوناً الصادرة من المحاكم الاتحادية الابتدائية ومن الهيئات القضائية المحلية بحسب الأحوال، كما تنظر في المنازعات الأخرى وفق القوانين النافذة. (المادة 12 من قانون السلطة القضائية) 
7 - المحكمة الاتحادية العليا: المحكمة الاتحادية العليا هي الهيئة القضائية العليا في الاتحاد. ويجوز أن يعين فيها عدد كافٍ من القضاة المناوبين على ألا يجلس أكثر من واحد منهم في دائرة المواد الدستورية، وفيما عدا الأحكام الخاصة بالقضاة المناوبين المنصوص عليها في هذا القانون، يسري عليهم ما يسري على قضاة المحكمة العليا من قواعد.
     ويعين القضاة فيها بمرسوم يصدره رئيس الاتحاد بعد مصادقة المجلس الأعلى عليه، ويحدد القانون عدد دوائر المحكمة ونظامها وإجراءاتها وشروط الخدمة والتقاعد لأعضائها والشروط والمؤهلات الواجب توافرها فيهم. (المادة 96 من الدستور). وتعقد المحكمة الاتحادية العليا جلساتها بمقر عاصمة الاتحاد، ويجوز لها استثناءً أن تنعقد عند الاقتضاء في أية عاصمة من عواصم الإمارات (المادة 100 من الدستور).
وتكون للمحكمة العليا دائرة للمواد الدستورية ودوائر لنظر المواد الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون أو أي قانون آخر. ويرأس الدائرة رئيس المحكمة أو أقدم القضاة. وتصدر الأحكام من دائرة مشكلة من خمسة قضاة لا يزيد عدد المناوبين منهم على قاضٍ وذلك في المسائل المنصوص عليها في البنود السبعة الأولى من المادة /33/ من هذا القانون، وفيما عدا ذلك تصدر الأحكام من دائرة مشكلة من ثلاثة قضاة وبأغلبية الآراء في الحالتين، ولا يصدر الحكم بالإعدام إلا بإجماع الآراء. 
كما تشكل بالمحكمة الاتحادية العليا هيئة مؤلفة من رئيس المحكمة أو من ينوب عنه وأقدم أربعة قضاة لا يزيد المناوبون منهم على قاضيين ـــ وهي المعروفة بالهيئة العامة ـــ فإذا رأت إحدى دوائر المحكمة وهي بصدد نظر دعوى أو طعن العدول في غير المواد الدستورية عن مبدأ مستقر للمحكمة أو أن هناك مبادئ قانونية متعارضة سبق صدورها من المحكمة تأمر بإحالة الدعوى أو الطعن إلى هذه الهيئة لتفصل فيه. وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية أربعة قضاة على الأقل 
8 - أحكام مشتركة: لا يجوز أن يجلس في دائرة واحدة قضاة بينهم قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الرابعة. كما لا يجوز أن يكون ممثل النيابة العامة أو ممثل أحد الخصوم أو المدافع عنه ممن تربطهم الصلة المذكورة بأحد القضاة الذين ينظرون الدعوى. 
ولا يجوز للقضاة إفشاء سر المداولات كما لا يجوز للقاضي أن يبدي رأيه أو اتجاهه في قضية معروضة لأية جهة كان، ويصبح القاضي غير صالح لنظر الدعوى إذا خالف هذا الحظر فضلاً عن تعرضه للمساءلة التأديبية. 
9 - النيابة العامة الاتحادية: يكون للاتحاد نائب عام يعين بمرسوم اتحادي يصدر بموافقة مجلس الوزراء، ويعاون النائب العام عدد من أعضاء النيابة العامة. وينظم القانون الشؤون المتعلقة بأعضاء النيابة العامة الاتحادية من حيث طريقة تعيين أعضائها ودرجاتهم وترقياتهم وتقاعدهم والمؤهلات الواجب توافرها فيهم. 
ويكون تعيين النائب العام وسائر أعضاء النيابة العامة إلى درجة وكيل نيابة بمرسوم يصدر من رئيس الدولة بعد موافقة مجلس الوزراء وذلك بناءً على ترشيح وزير العدل. ويكون تعيين مساعد النيابة العامة بقرار من مجلس الوزراء بناءً على ترشيح وزير العدل وذلك لمدة سنة تحت الاختبار، فإذا أتم مدة الاختبار بنجاح ثبت في وظيفته بقرار من مجلس الوزراء. 
ويشترط فيمن يعين نائباً عاماً الشروط المقررة للتعيين في وظيفة قاضٍ بالمحكمة العليا. ويشترط للتعيين في سائر وظائف النيابة العامة الشروط ذاتها فيما عدا شرطي السن والمدة اللازم قضاؤها بين تاريخ الحصول على المؤهل الدراسي والتعيين. ويكون اختصاص النائب العام شاملاً الاختصاص الإقليمي للاتحاد. ويكون تعيين دائرة اختصاص ومحل إقامة أعضاء النيابة العامة ونقلهم وندبهم بقرار من وزير العدل بناءً على اقتراح النائب العام. 
 ويجب على النيابة العامة الاتحادية أن تتدخل في كل الدعاوى والطلبات والطعون المقامة أمام المحكمة العليا. ويمثل النيابة العامة أمام المحكمة العليا النائب العام أو محامٍ عام أو أحد رؤساء النيابة العامة. ويجوز بقرار من وزير العدل، بناءً على عرض النائب العام وموافقة الجهات المعنية بالتحقيق والاتهام في الإمارات الأعضاء أن تتولى النيابة العامة ممارسة اختصاصاتها في تلك الإمارات. 
 10 - المحاكم المحلية داخل الإمارات أعضاء الاتحاد: الى جانب القضاء الاتحادي المنشأ بضمانات دستورية  والذي يتم تنظيمه تفصيلاً بقوانين اتحادية ترك الدستور الاماراتي  لكل امارة ان تنشأ قضاءً خاصاً بها في الأمور التي تركها الدستور للسلطة المحلية داخل كل إمارة، وبالفعل نصت المادة 104 على ان «تتولى الهيئات القضائية المحلية في كل إمارة جميع المسائل القضائية التي لم يعهد بها للقضاء الاتحادي بمقتضى أحكام هذا الدستور»، ومن ثم هناك قضاء محلي داخل الإمارات ينحصر اختصاصه داخل الإمارة التي يقوم فيها الى جانب المحاكم الاتحادية التي يشمل اختصاصها كل أراضي الاتحاد، ومن الطبيعي القول  ان تنظيم القضاء المحلي داخل أية إمارة يتم بموجب قانون محلي يصدر عن السلطات المحلية المختصة في الإمارة ذاتها. 
وعملاً بالحق المعطى للإمارات أعضاء الاتحاد بإنشاء قضاء محلي داخل الإمارة، صدر في إمارة أبوظبي القانون المحلي رقم 23/2006 بشان دائرة القضاء فيها، وأنشأ المحاكم المحلية داخل الإمارة لتختص بالفصل في المنازعات والجرائم التي ينعقد لها الاختصاص بنظرها وفقاً لأحكام التشريعات النافذة. كما صدرت قوانين مماثلة في امارة كل من دبي ورأس الخيمة والتي لا مجال لتفصيلها في هذا البحث، وكل من تلك القوانين راعى المبادئ التي نص عليها الدستور بشان التنظيم القضائي واختصاص المحاكم داخل كل إمارة، بحيث يوجد في الامارة محاكم ابتدائية ومحاكم استئنافية وعلى رأسها محكمة عليا أُسميت في إمارة أبوظبي بمحكمة النقض في حين أُسميت في دبي ورأس الخيمة محكمة التمييز. 

الفقرة الثانية
اختصاص المحاكم
11 – أنواع الاختصاص للمحاكم بشكل عام: جاء الباب الثاني من الكتاب الاول من قانون الاجراءات المدنية رقم 42/202 بعنوان اختصاص المحاكم، وقد قُسّم هذا الباب الى ثلاث فصول. جاء الفصل الاول بعنوان الاختصاص الدولي للمحاكم والفصل الثاني بعنوان الاختصاص النوعي والقيمى للمحاكم والفصل الثالث بعنوان الاختصاص المحلي للمحاكم؛ ولكن قانون الإجراءات لم يذكر الاختصاص الأهم بين اختصاصات المحاكم وهو الاختصاص الولائي بالرغم من ان المادة 87 من قانون الإجراءات المدنية عادت وذكرت الدفع بعدم الاختصاص الولائي بالقول: الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها.
والمبدأ في فن الصياغة التشريعية ان يأتي تعريف وتنظيم نوع الاختصاص قبل النص على الدفع بنوع هذا الاختصاص، وهذا ما حصل في قانون الإجراءات بالنسبة لكل من الاختصاص الدولي والاختصاص النوعي والقيمى والاختصاص المحلي للمحاكم. وهو ما نلاحظه في قوانين الإجراءات المدنية في الدول العصرية التي تعرف في قوانينها كل أنواع الاختصاص بما في ذلك الاختصاص الولائي قبل النص على ذات الدفع. 
والاختصاص الولائي- ويطلق عليه في دول أخرى الاختصاص الوظيفي كما هو الحال في قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني - هو الذي تتعين بمقتضاه جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى من بين الجهات القضائية المتعددة في الدولة. 
ولا شك ان الاختصاص الولائي هو الاختصاص الأهم ويأتي بحثه قبل بحث الاختصاص النوعي والقيمي والمحلي، من هنا يُطرح التساؤل كيف ان قانون الإجراءات المدنية الأماراتي نص على الدفع بعدم الاختصاص الولائي دون ان يكون ذكر هذا النوع من أنواع الاختصاص؟  
الجواب على هذا السؤال نجده في نص الدستور الإماراتي، ذلك ان الاختصاص الولائي حدّده الدستور ذاته
12 - الدستور الاماراتي هو الذي حدّد الاختصاص الولائي لكل من المحاكم الاتحادية والمحاكم المحلية: أشرنا سابقاً الى ان نتيجة لكون دولة الإمارات هي دولة اتحادية كان لا بد للدستور، وعلى غرار ما هو معمول به في الدول الاتحادية، من ان يلحظ وجود جهتين قضائيتين: الأولى هي جهة القضاء الاتحادي والثانية هي جهة القضاء المحلي داخل كل إمارة من الإمارات أعضاء الاتحاد. (راجع سابقاً البند 2 وما يليه). ومن الطبيعي القول ان وجود أكثر من سلطة في الدولة تتولي نفس الشؤون تطرح مشكلة تحديد نطاق اختصاص كل منهما إزاء الأخرى، وهنا تظهر مشكلة الاختصاص الولائي بوجه ثلاثي الأبعاد:
البعد الأول هو اختصاص المحاكم الاتحادية إزاء المحاكم المحلية بمجموعها.
البعد الثاني، هو الوجه المعاكس، أي اختصاص المحاكم المحلية بمجموعها إزاء المحاكم الاتحادية. 
البعد الثالث هو اختصاص المحاكم المحلية إزاء بعضها البعض.
لقد درجت الدساتير في الدول الاتحادية على تحديد الاختصاص لكل من المحاكم الاتحادية والمحاكم المحلية فيها في متن الدستور ذاته، وهي تعتمد في ذلك على معيار يقوم على تعداد الاختصاص للمحاكم الاتحادية، وتترك ما لم يرد في هذا التعداد الى المحاكم المحلية في الدول أعضاء الاتحاد.
 وهذا ما اعتمده الدستور الإماراتي في متنه عندما حدد النزاعات التي تنفرد المحاكم الاتحادية باختصاص النظر فيها، وترك بقية المسائل للمحاكم المحلية مع إبقائه المجال مفتوحاً أمام المحاكم الاتحادية لان تنظر بهذه المسائل. وقد أشار الى هذا المعيار قانون السلطة القضائية رقم 32 لسنة 2022 في المادة 13 منه ومؤداها ان تختص المحاكم الاتحادية بالفصل في جميع المنازعات والجرائم التي تدخل في اختصاصاتها طبقاً لأحكام الدستور وما ينقل إليها من اختصاصات الهيئات القضائية المحلية بناءً على طلب الإمارة المعنية.
13 - الأمور التي تنفرد المحاكم الاتحادية باختصاص النظر فيها: حددت المادة 99 من الدستور الأمور التي تختص المحكمة الاتحادية العليا بالنظر فيها، وقد استعادها القانون المتعلق بالمحكمة الاتحادية العليا في المادة 33 منه، وهي التالية:
1 - المنازعات المختلفة بين الإمارات الأعضاء في الاتحاد، أو بين أية إمارة أو أكثر وبين حكومة الاتحاد، متى أحيلت هذه المنازعات إلى المحكمة بناءً على طلب أي طرف من الأطراف المعنية.
2 - بحث دستورية القوانين الاتحادية، إذا ما طعن فيها من قبل إمارة أو أكثر لمخالفتها لدستور الاتحاد. وبحث دستورية التشريعات الصادرة عن إحدى الإمارات إذا ما طعن فيها من قبل إحدى السلطات الاتحادية لمخالفتها لدستور الاتحاد أو للقوانين الاتحادية.
3 - بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماً إذا ما أحيل إليها هذا الطلب من أية محكمة من محاكم البلاد أثناء دعوى منظورة أمامها، وعلى المحكمة المذكورة أن تلتزم بقرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر بهذا الصدد.
4 - تفسير أحكام الدستور إذا ما طلبت إليها ذلك إحدى سلطات الاتحاد أو حكومة إحدى الإمارات، ويعتبر هذا التفسير ملزماً للكافة.
وفي هذا السياق قرّرت محكمة النقض المصرية انه يترتب، على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون أو لائحة، عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفا عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء نفسها. 
5 - مساءلة الوزراء وكبار موظفي الاتحاد المعينين بمرسوم عما يقع منهم من أفعال في أداء وظائفهم الرسمية بناءً على طلب المجلس الأعلى ووفقاً للقانون الخاص بذلك.
6 - الجرائم التي لها مساس مباشر بمصالح الاتحاد، كالجرائم المتعلقة بأمنه في الداخل أو الخارج، وجرائم تزوير المحررات أو الأختام الرسمية لإحدى السلطات الاتحادية، وجرائم تزييف العملة.
7 - تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية المحلية في الإمارات.
8 - تنازع الاختصاص بين هيئة قضائية في إمارة وهيئة قضائية في إمارة أخرى
وتطبيقاً لما نص عليه البند 8 من المادة 30 صدر القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2019 وأنشأ هيئة لتوحيد المبادئ القضائية المتعارضة الصادرة عن محكمتين أو أكثر من المحاكم العليا في الدولة، والمحددة اختصاصاتها وفقاً لذات القانون.
وكانت الهيئة قرّرت أن نص المادة (15) من القانون الاتحادي رقم 10) لسنة 2019 بشأن تنظيم العلاقات القضائية بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية على أن " تختص الهيئة بتوحيد المبادئ القضائية المتعارضة الصادرة عن محكمتين أو أكثر من المحاكم العليا في الدولة، كما تختص بالنظر في طلبات العدول عن مبدأ سبق لها أن قررته وفقا للإجراءات المحددة في المادة 16 من هذا القانون " . 
كما قررت ان "تقدم طلبات توحيد المبادئ القضائية إلى الهيئة بتقرير مسبب من أي من رؤساء المحاكم العليا في الدولة، أو النائب العام الاتحادي أو النواب العامين المحليين بصورة تلقائية أو بنا ًء على طلب مقدم إليهم من الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية
وان مناط قبول طلب الفصل في التناقض بين مبدأين قضائيين نهائيين في المسألة الواحدة أن يكون أحد المبدأين صادراً عن المحاكم العليا في الدولة أيا كان مسماها سواء محكمة نقض أو تمييز أو عليا والآخر صادراً من جهة أخرى من ذات المحاكم أو أكثر بحيث يكون المبدآن قد تصادما بما يتعذر تغليب أحدهما على الآخر واجتماع تنفيذهما معاً مما يستوجب أن تتولى الهيئة حسم هذا التعارض بالمفاضلة بين المبدأين أو التوفيق بينهما من حيث الأثر القانوني على المنازعات المتعلقة بين المبدأين المتعارضين، وينتفي مناط قبول الطلب إذا كان المبدآن صادرين عن جهة قضائية واحدة، فإن المحكمة العليا لهذه الجهة وحدها هي التي تكون لها والية الفصل في التعارض وفقا للقواعد الإجرائية المعمول بها في نطاقها حيث تتولى المحكمة بتلك الجهة إقرار أحد المبدأين المتعارضين أو العدول عن مبدأ مستقر وإصدار مبدأ آخر يخالفه. وإذ كان الطلب الماثل مقدم ممن له صالحية تقديمه سعادة النائب العام الاتحادي وجاء بتقرير مسبب فان الهيئة تنظر به .
وكانت القضية التي صدر فيها قرار الهيئة وكما وردت في ذات القرار تتلخص بما يلي:
 كان من الثابت من الحكم الصادر من محكمة تمييز دبي في الطعن رقم 417 لسنة 2023 تجاري وما وافقه من الحكمين الصادرين في الطعنين رقمي ،725 825 لسنة 2022 تجاري، والثابت من الحكم الصادر من محكمة النقض بأبوظبي في الطعن رقم 96 لسنة 2022 عمالي وما وافقه من حكم محكمة تمييز رأس الخيمة الصادر في الطعن رقم 37 لسنة 2022 تجاري، أن هذه الأحكام تضمنت مبدأين قضائيين متعارضين حول مسألة واحدة على ينعقد الاختصاص لهيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية لنظر طلب النائب العام بخصوص هذا التعارض ومن ثم فإن الهيئة أقرت المبدأ القانوني الذي خلصت إليه محكمة النقض بأبو ظبي في الطعن رقم 96 لسنة 2022 عمالي - وما وافقه من حكم محكمة تمييز رأس الخيمة الصادر في الطعن رقم 37 لسنة 2022 تجاري – وترتيب الآثار القانونية على ذلك والمتمثلة في أنه إذا انتهت محكمة الاستئناف إلى رفض إصدار أمر الأداء أو عدم قبول الطلب أن تحيل الموضوع للمرافعة للفصل فيه ويكون لها عندئذ الصلاحيات المقررة لها في شأن استئناف الأحكام القضائية فتنتقل إليها الدعوى بكل ما يبدى فيها من طلبات ودفوع وأوجه دفاع في حدود ما رفع عنه الاستئناف ويتعين عليها عند تصديها للفصل في النزاع أن يشتمل حكمها على ما يدل على أنها قامت بدراسة الأدلة المطروحة عليها وسائر أوجه الدفاع الجوهري والرد عليها، إذ أن المشرع قد قدر في هذه الحالة نظر الموضوع على درجة واحدة أمام محكمة الاستئناف ومن ثم يمتنع عليها إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة، اختصار الإجراءات وتحقيقاً للعدالة الناجزة وتفادياً لتكرار سداد الرسوم، إلا إذا كانت المطالبة قد رفعت ابتداء بالطريقة المعتادة لرفع الدعوى وأصدر القاضي المشرف أمرا بالأداء فيها ورأت محكمة الاستئناف عدم توافر شروط استصدار الأمر فتعيدها إلى محكمة أول درجة لنظرها وفقا للطريق المعتاد لنظر الدعاوى ويخضع الحكم الصادر من محكمة الاستئناف لطرق الطعن المقررة قانونًا، تطبيقًا للفقرة (من المادة 147 من المرسوم بقانون اتحادي - رقم 42 لسنة 2022 بشأن إصدار قانون الإجراءات المدنية، ولا يجوز لها أن تحيله إلى محكمة أول درجة إلا إذا كانت المطالبة بأمر الأداء مرفوعة بالطريقة المعتادة لرفع الدعوى؛ تطبيقًا للفقرة 4 من المادة 147 من المرسوم ذاته. 
وبشكل مختصر يمكن الإشارة الى ان هيئة توحيد المبادئ القضائية أصدرت أربع قرارات مهمة في مبادئ متعارضة أسفر عنها التطبيق العملي لبعض نصوص قوانين المعاملات التجارية والإجراءات المدنية والإجراءات الجزائية، وذلك تطبيقاً لمبدأ سيادة القانون وتوحيد كلمته، وتحقيقاً لمقتضيات الصالح العام وأهداف التشريع في تسهيل إجراءات التقاضي. وتضمنت القرارات التي أصدرتها «الهيئة»، اعتبار أن عبارة «غلق الحساب» تتساوى في النتيجة مع عبارتي «عدم وجود رصيد وعدم كفايته»، المنصوص عليهما في المادة 667 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لسنة 2022 بشأن إصدار قانون المعاملات التجارية، باعتبار الشيك سنداً تنفيذياً (الطلب رقم 4 لسنة 2023 والمقدم من النائب العام للاتحاد). وعدم جواز اتفاق الخصوم، المنصوص عليه في المادة 33/5 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 بشأن إصدار قانون الإجراءات المدنية، على مخالفة الاختصاص الولائي للمحاكم التي تخضع لجهة قضائية مستقلة، ونص القرار الثالث على أنه إذا انتهت محكمة الاستئناف إلى رفض إصدار أمر الأداء أو عدم قبول الطلب لعدم توافر شروط استصداره وجب أن تحيل الموضوع للمرافعة للفصل فيه بكافة الصلاحيات المقررة لها في شأن استئناف الأحكام القضائية، وذلك استناداً لنص المادة (147/3) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية. 
بينما نص القرار الرابع على تطبيق الرجوع المنصوص عليه في المادة 190 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية على القرارات والأحكام الجزائية الصادرة من المحاكم العليا. وراعت «الهيئة» في إصدار قراراتها مبدأ سيادة القانون وتوحيد كلمته تحقيقاً لمقتضيات الصالح العام وأهداف التشريع في تسهيل إجراءات التقاضي، وتعزيز فاعليته وكفاءته، وصولاً إلى عدالة ناجزة واقتصاد تنافسي.
كما نصّت المادة 102/1 من الدستور على أنه يكون للاتحاد محكمة اتحادية ابتدائية أو أكثر تنعقد في عاصمة الاتحاد الدائمة أو في بعض عواصم الإمارات لممارسة الولاية القضائية في دائرة اختصاصها في القضايا التالية:
-1 المنازعات المدنية والتجارية والإدارية بين الاتحاد والأفراد سواء كان الاتحاد مدعيا أو مدعى عليه فيها
 2- الجرائم التي ترتكب ضمن حدود العاصمة الاتحادية الدائمة باستثناء ما تختص بنظره المحكمة الاتحادية العليا بموجب المادة 99 من الدستور 3- قضايا الأحوال الشخصية والقضايا المدنية والتجارية وغيرها بين الأفراد التي تنشأ في العاصمة الاتحادية الدائمة.) وكان المقرر – في قضاء هذه المحكمة -أنه متى عهد الدستور باختصاص قضائي إلى القضاء الاتحادي فلا يجوز لغير نص دستوري أن يسلب هذا الاختصاص منه 
 وأضافت المادة 102 على ان تختص المحكمة الاتحادية الابتدائية بالمنازعات المدنية والتجارية والادارية بين الاتحاد والأفراد، سواء أكان الاتحاد مدعياً أو مدعى عليه. وتطبيقاً لهذا النص عادت الماد 25 من قانون الإجراءات المدنية، كما تعدلت بالقانون رقم10/2014، ونصت على ان تختص المحاكم الابتدائية بالنظر بجميع المنازعات المدنية والتجارية والادارية والعمالية والأحوال الشخصية باستثناء النزاعات التي يكون الاتحاد طرفاً فيها حيث تختص بنظرها المحاكم الاتحادية.
ولكن النصّ الأدنى لا يُلغي إلاّ بنص أعلى، ومن ثم يتعين تفسير الأول – حين تدعو الحاجة إلى التفسير – بما لا يتعارض وأحكام الثاني، وتبعاً لما تقدّم إذ كانت الطاعنة (..........) جهة حكومية اتحادية أنشئت بموجب القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 1999؛ وكانت محاكم رأس الخيمة جهات قضائية محلية ومن ثم لا تختص بنظر الدعاوى التي يكون الاتحاد طرفا فيها وينعقد الاختصاص الولائي لنظرها لإحدى محاكم الاتحاد – وفي الدعوى الماثلة يكون الاختصاص لمحكمة الشارقــــــة الابتدائيـــة الاتحادية وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه . 
14 - الأمور التي تركها الدستور للمحاكم المحلية مع إبقائه المجال مفتوحاً أمام المحاكم الاتحادية لان تنظر بهذه المسائل: ان الأمور التي لم يدخلها الدستور ضمن اختصاص المحاكم الاتحادية يبقى متروكاً لاختصاص المحاكم المحلية في الإمارات أعضاء الاتحاد، وهذا ما نصت عليه المادة 104 من الدستور ذاته ومؤداها ان تتولى الهيئات القضائية المحلية في كل إمارة جميع المسائل القضائية التي لم يعهد بها للقضاء الاتحادي بمقتضى أحكام هذا الدستور.
 ولكن الدستور ذاته أبقى المجال مفتوحاً أمام المحاكم الاتحادية لان تنظر بهذه المسائل، وبالفعل نصت الماد 105 من الدستور على انه يجوز بقانون اتحادي يصدر بناءً على طلب الإمارة المعنية نقل كل أو بعض الاختصاصات التي تتولاها هيئاتها القضائية المحلية بموجب المادة 104 إلى المحاكم الاتحادية الابتدائية. وقد عاد قانون السلطة القضائية رقم 32/لسنة 2022 وأكد على المبدأ ذاته في المادة 13 منه ومؤداها: ان تختص المحاكم الاتحادية بالفصل في جميع المنازعات والجرائم التي تدخل في اختصاصاتها طبقاً لأحكام الدستور وما ينقل إليها من اختصاصات الهيئات القضائية المحلية بناءً على طلب الإمارة المعنية. 
ومن ثم يمكن القول ان كل جهة قضائية تختص مبدئياً بالنظر بجميع المنازعات المدنية والتجارية والادارية والعمالية والأحوال الشخصية التي ينعقد لها اختصاص النظر فيها وفقاً لأحكام التشريعات النافذة في الدولة باستثناء النزاعات التي يكون الاتحاد طرفاً فيها حيث تختص بنظرها المحاكم الاتحادية وحدها عملاً بالمادة 25 من قانون الإجراءات المدنية كما تعدلت بالقانون رقم10/2014 والمادة 3 من قانون دائرة القضاء في إمارة أبوظبي، على اعتبار ان المحاكم الاتحادية والمحاكم المحلية، كل في نطاق الاختصاص المحدد له، هي المحاكم العادية لفصل جميع النزاعات في الدولة.
فهرس البحث
تمهيد
1 – الدستور الاماراتي جعل من القضاء سلطة مستقلة موازية لبقية السلطات الاتحادية في الدولة* 
الفقرة الأولى: التنظيم القضائي
2 - الشكل الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة يستتبع وجود محاكم اتحادية ومحاكم محلية داخل الإمارات أعضاء الاتحاد - استقلالية كل منهما عن الأخرى* 3 - استقلالية المحاكم المحلية داخل الإمارات أعضاء الاتحاد عن بعضها البعض واستقلاليتها كذلك عن المحاكم الاتحادية* 4 - تطور النصوص بخصوص إنشاء المحاكم وتشكيلها* 5 - المحاكم الاتحادية الابتدائية* 6 - محاكم الاستئناف الاتحادية* 6 - محاكم الاستئناف الاتحادية* 7 - المحكمة الاتحادية العليا* 8 - أحكام مشتركة* 9 - النيابة العامة الاتحادية*  10 - المحاكم المحلية داخل الإمارات أعضاء الاتحاد* 
الفقرة الثانية
       اختصاص المحاكم  
11 – أنواع الاختصاص للمحاكم بشكل عام* 12 - الدستور هو الذي يحدد الاختصاص الولائي لكل من المحاكم الاتحادية والمحاكم المحلية* 13 - الأمور التي تنفرد المحاكم الاتحادية باختصاص النظر فيها * 14- الأمور التي تركها الدستور للمحاكم المحلية مع إبقائه المجال مفتوحاً أمام المحاكم الاتحادية لان تنظر بهذه المسائل>