الدكتور حلمي محمد الحجار01/01/2014
مقدّمة الطبعة الأولى
كنا وضعنا أطروحة بموضوع أسباب النقض تمّت مناقشتها في مطلع عام /1983/ في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية في بيروت، وفي العام /2004/ اصدرنا كتاباً في لبنان بعنوان « أسباب الطعن بطريق النقض ـ دراسة مقارنة» في وقت كنا نمارس فيه المحاماة في لبنان في مكتب خاص بنا في بيروت، وقد جاء الكتاب مستلهماً أحدث الاجتهادات الصادرة في لبنان وفرنسا، وعلى ضوء أحدث الآراء الفقهية بالموضوع
وفي مطلع خريف العام /12012/ انتقلنا الى دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد ان تم تعييننا مستشاراً في محكمة النقض في ابو ظبي، وفور مباشرتنا العمل بدأنا بمراجعة الاحكام المنشورة والصادرة عن المحاكم العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد لفتنا خلال دراسة تلك الاحكام أمران:
الامر الاول: ان المسائل التي كانت تطرح على المحاكم العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت تلقى حلولاً مشابهة للحلول التي تعتمدها محاكم النقض في القانون المقارن التي حدد دورها بالمراقبة القانونية فقط دون ان تشكل درجة ثالثة من درجات المحاكمة، ومرد ذلك ان دور محكمة النقض هو ذاته وهو ينحصر بالمراقبة القانونية من درجات المحاكمة؛ ولكن مع اختلاف في استعمال المصطلحات أحياناً
الامر الثاني: إذا كان هناك تشابه في الحلول مع بقية القوانين العصرية، وبالاخص مع القانون الفرنسي، إلاّ ان هناك مسائل كثيرة لم تطرح على المحاكم العليا في الإمارات، ويعود السبب في ذلك الى حداثة عهد هذه المحاكم بالمقارنة مع محاكم النقض في الدول العصرية وبالاخص محكمة النقض الفرنسية التي يتجاوز عهدها المايتي عاماً، وآية ذلك انه بقدر ما يتقدم عهد أية محكمة أو أية مؤسسة بشكل عام بقدر ما يزداد عدد المسائل التي تطرح عليها، ومع ازدياد العدد تتنوع الحلول للمسائل المستجدة والمتجددة دوماً. من هنا وجدنا فائدة مزدوجة من وضع هذا الكتاب:
من جهة أولى: سيعرض الكتاب لنصوص القانون الإماراتي تفصيلاً وللحلول الاجتهادية من قبل المحاكم العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة في تطبيق تلك النصوص ليرتقي بتلك الحلول، التي تعالج حالات خاصة، الى مستوى النظرية العامة لدور محكمة النقض في الرقابة القانونية
وبالفعل ان دور محكمة النقض في الرقابة القانونية، على ضوء الهدف الذي إنشئت من أجله محكمة النقض الفرنسية منذ أكثر من مئتي عاماً ومن خلال الممارسة العملية لذلك الدور والذي ظهر في الاجتهاد الغزير لتلك المحكمة، ارسى نظرية معينة في النقض سارت عليها محاكم النقض في الدول العصرية التي أنشأت محكمة عليا للرقابة القانونية، كما يسطع من اجتهاد المحكمة الاتحادية العليا في دولة الإمارات العربة المتحدة، ومن اجتهاد كل من محكمة النقض في إمارة ابو ظبي ومحكمة التمييز في إمارة دبي
ومن جهة ثانية: سيعرض الكتاب لجميع المسائل المتعلقة بأسباب النقض والتي طرحت على محاكم النقض في فرنسا ولبنان خصوصاً، كما سيعرض للآراء الفقهية بالموضوع ليجد رجل القانون في الإمارات، قاضياً كان أو محامياً، الحلول المناسبة في كل مرة تواجهه مسألة جديدة لم يسبق ان تكون طرحت على المحاكم العليا هنا، لانه مما لا شك فيه انه مع تقدم عهد هذه المحاكم لا بد ان تستجد حالات تطرح على رجال القانون مسائل مشابهة لجميع المسائل التي طرحت على سائر محاكم النقض في العالم.
ابو ظبي في 8/4/2013
لقراءة تقديم رئيس محكمة النقض للكتاب اضغط هنا