مقالات عن: القانون القضائي الخاص - الوسيط في اصول المحاكمات المدنية جزءان طبعة سابعةالدكتور عصام القيسيجريدة النهار
جريدة النهار
الخميس 25 كانون الثاني 1996
عن الطبعة الثالثة من الكتاب
بقلم الدكتور عصام القيسي
حلمي الحجار: القانون القضائي الخاص مرجعية فقهية في المكتبة الحقوقية
ان يجمع المرء في ذاته كفتي العدالة، فيعيش قدسية القضاء ورحابة المحاماة، فثمة اغناء للذات لا يعرفه الا القلائل، وفي طليعة هؤلاء، الدكتور حلمي الحجار الذي اطل علينا، بالطبعة الثالثة لمؤلفه «القانون القضائي الخاص» بعد تضمينها نصوص التشريع والفقه والاجتهاد التي تسنى للمشترع او لرجال الفقه والقضاء اصدارها في الفترة الزمنية اللاحقة للطبعة الثانية 1987.
يأخذنا هذا الموقف فنتحقق صدقية قولة سقراط: تكلم حتى أراك، او بلغة العصر، اكتب حتى أراك، وكذلك واقعية عبارة بوفون: الاسلوب هو الرجل، فنرى المؤلف، عبره، جاداً، جدياً، مسلسلاً أفكاره بمنهجية رفيعة، رابطاً خواتيم الامور ببدايتها، مهوناً الاشكالات القانونية، معمقاً بحث الموضوعات الخلافية، عارضاً وجهات النظر المتقابلة بامانة علمية ملحوظة، مستكملاً دراسة الموضوع المبحوث فيه بشكل لا يترك للقارئ اي تساؤل لم يتم التطرق اليه.
جاءت الطبعة الثالثة من «القانون القضائي الخاص» جزئين:الاول يتضمن ثلاثة أبحاث: الدعوى، الاثبات، التنظيم القضائي، أمّا الثاني فيبحث في الموضوعات المتعلقة بالمحاكمة، بالاجراءات المستعجلة بالقرارات الرجائية والاوامر على العرائض، وأخيراً طرق الطعن.
وزع المؤلف البحث بين تمهيد يعرض فيه الجوانب التي سيتناولها في فصول، كل فصل يندرج في أقسام تتوزع، هي، كذلك، فقرات، بحيث لا يجد القارئ اي صعوبة في الوقوف على النقطة التي يبحث عنها، وثمة جدة تتمثل بترقيم وعنونة لكل فقرة مع فهرس هجائي في نهاية كل جزء مثابة ضوء كاشف ينير للباحث مهمة الحصول الى مبتغاه، مع انها نادرة هي المؤلفات العربية التي سلكت هذا النهج في عنونة الفقرات وترقيمها وتزويد القارىء فهرساً هجائياً.
اننا لا نملك سوى الاستغراق في مطالعة هذه الابحاث التي تتسم لا بالصرامة والجدية فحسب، بل بالارتقاء بمادة جافة الى رفعة العطاء، بفضل العلم الوافر الذي مكن المؤلف من تأسيس قناعاته على الاسانيد القانونية التي تكون قناعات للقارئ فيدع الكتاب، جانباً مشبعاً بامتنان للمؤلف الذي حقق المثل السائر: شرط العمل اي نشره للانتفاع به.
هل يمكن القول ان مؤلف الدكتور الحجار تضمن دراسات لبنانية خالصة او ان له نصيباً من القانون المقارن؟ الواقع، ان المؤلف قصر ابحاثه على الوضع التشريعي اللبناني، مقارناً بالمعطيات التشريعية والاجتهادية الفرنسية باعتباره مصدراً ولو استثنائياً يغرف منه المشترع اللبناني، وكذلك رجال القضاء والفقه اللبنانيون، وحبذا لو جاءت الطبعة الرابعة من هذا المؤلف مطعمة بالمعطيات العربية لهذه المادة بحيث لا يكون هذا المؤلف، كما هو في حالته الراعنة، لبنة في العمارة القانونية اللبنانية، بل يصبح، اذاك، مدماكاً في البناء القانوني العربي.
وأخيراً كنا نتمنى على المؤلف ان يضمن «القانون القضائي الخاص» بحثاً اضافياً حول «اصول التنفيذ» لكونه اضطلع، خلال عقد الثمانينات، برئاسة دائرة التنفيذ في بعبدا حيث حفلت النشرات والمجلات الحقوقية بكثير من اجتهاداته، وكذلك، لندرة المؤلفات التي بحثت هذا الموضوع وأخيراً، لاهمية ربح الدعوى «مرة ثانية» كما كان يردد الاستاذ يوسف جبران على مسامعنا.
ان اضطلاع المؤلف بتدريس هذه المادة سحابة عشر في كليات الحقوق اغنى خزينه العلمي وجعل من مؤلفه مرجعية فقهية تفخر بها المكتبة الحقوقية اللبنانية بل العربية، وأيا كان موقع رجل القانون، في القضاء ام في المحاماة، فلا غنية له عن تصفح هذا المؤلف ليأخذه بيده الى حيث الحجة التي يبحث عنها.