Professor Dr Helmi Al Hajjar, Attorney at law
- Litigation, legal consultation and arbitration.
- Legal advice and services in the field of real estate, financial, commercial civil and administrative contracts and in the preparation of case memorandums for submission to the court of cassation under both Lebanese and UAE laws.
- Over 25 years of experience as a practicing lawyer through his own firm in Beirut, Lebanon in addition to his experience as a judge in Lebanon for 17 years and a judge in the commercial chamber in the court of cassation in Abu Dhabi.
- Professor at the higher institute of Legal studies at the faculty of law and political and administrative sciences at the Lebanese University in Beirut.
- Registered arbitrator at the Abu Dhabi Commercial Conciliation and Arbitration Center
Address: Madame Curie Street - Next to Atlantis - Inaam Building - 6th Floor North 
Mobile: + 961 3 788848, Landline: +961 1 788889
Email: hajjar.legal@gmail.com, emihajja43@gmail.com         

Back

محاماة واستشارات قانونية

عن الكتاب

فتحت الجلسة علناً

مقالات عن: القانون القضائي الخاص - الوسيط في اصول المحاكمات المدنية جزءان طبعة سابعة
المحامي الاستاذ جورج كساب
جريدة النهار صفحة 12 تاريخ 10 أيلول 1984


مقالة كتبها المحامي الاستاذ جورج كساب في جريدة النهار في ثلاث حلقات وردت في ثلاثة اعداد متتابعة من الجريدة، وقد جاءت المقالة بشكل محاكمة للكتاب شكل فيها الاستاذ كساب هيئة محكمة ومدعي عام، فجاء الاسلوب طريفاً.

العدد الاول من جريدة النهار.

-1-  للاطلاع على جريدة النهار اضغط هنا

    ... وأخيراً تخلص لبنان «وطن الخوتان" من قانون "اصول المحاكمات المدنية» وأحل محله المرسوم الاشتراعي الرقم /90/ الصادر في 16/9/1983 فبادر الدكتور حلمي الحجار، الاستاذ في كلية الحقوق اللبنانية، القاضي في بعبدا، الى شرح هذا المرسوم الجديد في مؤلف ضخم أطلق عليه اسم: «القانون القضائي الخاص» ... فبادر الصامتون من ارباب القلم الى محاكمة المؤلف امام محكمة العدل الفكرية من القضاة المشهورين بوعيهم الفكري والجمالي: صيدون رئيساً، عيسى حمدان ممثلاً للنيابة العامة، والناسك المتنسك تحت شجرة اللوز في الغينة ممثلاً لجمعية الرفق بالأبرياء الذين تحصدهم قنابل «الأبطال» حصداً عشوائياً.
    انعقدت المحكمة، تحت شجرة اللوز في حضور «سعيد أفندي» شاهداً على طهارة الحياة وسلامتها ونزاهة احكامها، لثلاث جلسات متتالية صدر على أثرها الحكم العادل على كتاب الدكتور حلمي الحجار: «القانون القضائي الخاص».
    فتحت الجلسة علناً، فنودي على الدكتور حلمي الحجار، فلم يحضر فاتخذت المحكمة قرارها غيابياً كالوجاهي. ثم طلب الى النائب العام الاستاذ عيسى حمدان ان يعرض فانتصب كأبي الهول وراح يتدفق كما الشلال:
في بحر السنة 1984 أصدر الدكتور حلمي الحجار كتاباً قانونياً مجلداً سماه: «القانون القضائي الخاص» وعرضه للبيع بمبلغ مائتي ليرة. وهو من ثماني مائة صفحة من الحجم الكبير (70*100). فما هو هذا الكتاب؟
ايام زمان، ايام المتليك والنحاسة، كان يعرف هذا القانون باسم «أصول المحاكمات المدنية». سبحان الله! حتى الاسماء تتغير هذه الايام. وعما قليل: الله اعلم ماذا سيصبح اسم لبنان! فماذا نعني باسم: «القانون القضائي الخاص»؟ وما هو دور هذا القانون في سمفونية القضاء الهرمية؟ للجواب عن السؤال لا بد من عرض مثلث التفاعل العقائدي: التكتيك، الاستراتيجية والايدولوجية عرضاً موجزاً:
    بافتراض انك مسافر الى فرنسا.  فهدفك ان تصل الى باريس نسميه ايدولوجية، والطريق التي تسلكها من لبنان الى فرنسا، براً وبحراً او جواً، نسميها استراتيجية، وكل خطوة على هذه الطريق تعرف باسم «تكتيك». ومن ثم: اذا كانت الايدولوجية غاية او هدفاً فان كلا من التكتيك والاستراتيجية وسيلة. وفي القانون: الايدولوجية تأمين العدالة، اي اعطاء كل ذي حق حقه. والا تحول المجتمع الى غاب بشريعة المخلب والناب. اما التكتيك والاستراتيجية فانهما مجموعة الوسلئل التي تحول دون تعثر القضاء في طريقه المستقيمة نحو العدالة. وهذه الوسائل عرفت قديماً باسم «اصول المحاكمات المدنية والجزائية». أما اليوم فغير المشرّع اللبناني اسمها وباتت تعرف باسم «القانون القضائي الخاص المدني والجزائي». وبتعبير آخر: هناك مركبتان في اتجاه تأمين العدالة: مركبة يركبها المتخاصمون مدنياً ومركبة أخرى تقل المتخاصمين جزائياً. والدكتور حلمي الحجار كان في كتابه «القانون القضائي الخاص» قائد المركبة المدنية لا الجزائية التي تخلى عن قيادتها لسواه.
    هنا تصدى رئيس المحكمة صيدون لحضرة النائب العام عيسى حمدان ان اوجز مضمون الكتاب فاوجز حمدان مسرعاً: الكتاب متنا سبع مائة صفحة ونيف، وفهارس خمس وسبعون صفحة. اما المتن فاربعة ابواب: الدعوى، الاثبات، التنظيم القضائي وقواعد الاثبات، فالمحاكمة. أمَا الفهارس فهي: فهرس المراجع والمصطلحات أولاً، فالفهرس الهجائي ثانياً، ففهرس المواد ثالثاً حتى ليمكن القول مع هذا الكاتب انه مصاب بداء الوضوح.
    رئيس المحكمة مقاطعاً: وما دليل النيابة العامَة على اصابة مؤلف الدكتور الحجار بداء الوضوح؟
    النائب العام: ان الدقة والوضوح، كليهما في الكتاب، «القانون القضائي الخاص»، كذيل الطاووس. أو قل هما كديك الحبش عرفاً وخيلاء بدليل ان رجال القانون من طلاب حقوق وقضاة ومحامين يفارقون هذه الدنيا وفي صدورهم هموم وغموم من السبب والموضوع.« والموضوع » كان ضائعاً حتى في صدور من كانوا يعلمونه، وهكذا «السبب»، حتى أتى الدكتور حلمي الحجار فسلط عليهما أضواء أصالته الفينيقية – نكاية في حساد فينيقية – فانكشفت أسرارهما وخرجا من مخبأيهما عاريين «كما خلقتني يا رب». ولنترك الاضاءة للدكتور الحجار ايجازاً: ان «موضوع» الدعوى هو المطالب التي ترد في استحضار المدعي. كأن تطلب الى المحكمة بان تقضي لك على خصمك بدفع «ما» لك بذمته من دين قدره مائة ألف ل.ل. مثلاً. أمَا «السبب» فانه مرَ بثلاث نظريات: نظرية اولى تقول ب«النص القانوني» سبباً للدعوى. والنظرية الثانية ترى «النص القانوني متجسداً في الوقائع، أو الوقوعات» سبباً للدعوى. أمَا النظرية الثالثة فترى «وقائع الدعوى المادية» هي «سبب الدعوى» دون سواها، كسرد وقوعات حادث الاصطدام مثلاً بين السيارتين، الذي عطلك، ماشياً، عن العمل مدة شهر كامل.
    نعم على هذا المنوال من الوضوح يتبختر الدكتور الحجار في مجلده العامر «القانون القضائي الخاص»، حتى انه ما كان ليرضى بالمعاني مبسطة واضحة، بل تعدّى ذلك الى المقارنة والمفاضلة بين القانون اللبناني وسواه من القوانين الاجنبية ولا سيما الفرنسية والمصرية منها حتى اذا اعترضه نقص او تهافت او تناقض في نص المرسوم الاشتراعي الرقم /90/ الصادر في تاريخ 16/9/1983 أجفل.
    الناسك ممثل جمعية الرفق بالأبرياء مقاطعاً: «ليت شعري: هذا مدح ام هجاء»؟ وانّى للقاضي ان يبني هذا البناء الضخم في فترة وجيزة لا تتعدى الأشهر؟ فلو كان المؤلف يستنسخ هذا المجلد لكان في حاجة الى اكثر من هذا الزمن في الاستنساخ. فماذا لو علمت انه الفه وطبعه وجمعه وجلده اعتباراً من تاريخ صدور المرسوم الاشتراعي الرقم /90/ في 16/9/1983 حتى أوائل سنة 1984؟ ان الدكتور الحجار، يعلم هذه المادة في كلية الحقوق اللبنانية منذ سنوات، انكب عليها سحابة ايامه ولياليه، ثم أين المؤلف من الوضوح حينما يرى في كتابه الضخم (الصفحة 25): «ان من يلجأ الى القضاء لتكريس حق يدعيه يستعمل سلطة أقرها له القانون. وهذه السلطة تنطوي، ولا شك، على أهمية كبرى في مجتمع متمدن لا يجوز فيه لأحد أن يستوفي حقه بنفسه». اسألوا الدكتور الحجار: أين الوضوح في هذا القول؟ هل المجتمع اللبناني متمدن؟ والمقاتلون على الساحة اللبنانية الذين يقذفون الأبرياء بالحمم المدمرة هل هم متمدنون هؤلاء؟
    وللقانون في البلاد المتمدنة سلطان. اين هو سلطان القانون في هذا البلد الطائفي المتخلف المجنون؟ ثم لماذا كان الدكتور المعلم خجلاً عندما تكلم عن العلمنة الكاملة الشاملة الراقية تحل محل هذه الدويلات الطائفية الهمجية المتناخرة على الساحة اللبنانية؟ استمع اليه خجلاً بهذا المعنى في الصفحة /292/ من مؤلفه الميمون: «ان اعطاء المحاكم الشرعية والمذهبية حق النظر في الحقوق العائلية انما تبرره اعتبارات تاريخية واجتماعية وهو يتنافى والتفكير العلماني القانوني لتعارضه مع وحدة النظام القضائي وعلمانية الدولة. لذلك فهو معد للزوال مع تطور النظام الدستوري حتى الوصول بالبلاد الى ما وصلت اليه البلدان الراقية من اوضاع طبيعية».  انتهى القول للدكتور الحجار. أي نعم: بالله عليك، نائباً عاماً، ماذا ترى في هذا القول من الوضوح؟ ولماذا جعله المتهم يتيماً في خضم مؤلفه الضخم؟ بل انه لماذا لم يعالج موضوع العلمنة معالجة علمية كافية وافية لتكتيك القانون القضائي واستراتيجيته؟ بل أي مركب هو هذا المركب الذي يقوده هذا الربان مذ بات انقاضاً – سبعة عشر قانوناً – تتقاذفها أمواج العصبية في بحر هائج لا عقل له ولا ارادة؟
    صيدون، رئيس المحكمة، مقاطعاً: دع النائب العام يتابع عرضه للكتاب. ولنترك النقد للجلسة الثالثة. فابتلع ممثل الابرياء ناسك الغينة، لسانه وجلس مترقباً والنار تتأجج في صدره والشرر يتطاير من عينيه.
    النائب العام يتابع عرض الكتاب: لنفترض انك انت، صيدون، رئيس هذه المحكمة، صاحب حق، فانك تحصل حقك طائفياً بقصف الابرياء بمدافع الهاون وراجمات الصواريخ وعلمانياً بواسطة هيئة قضائية تطبق شرعة حقوق الانسان في علاقتك بغريمك المعتدي. فاذا كانت راجمة الصواريخ طريقك الى حقك فان كتاب الدكتور الحجار «القانون القضائي الخاص» دربك الواضحة لتأمين هذا الحق. فكيف كان لهذا الدليل القضائي ذلك؟
    يدلك هذا (الكتاب الدليل) على المحاكم الصالحة للنظر في دعواك: فتارة تكون الاجنبية هي الصالحة. وعندها تقتصر مهمة القضاء اللبناني على اعطاء الصيغة التنفيذية للحكم الصادر عن المحكمة الاجنبية. وتارة أخرى تكون دعواك من صلاحية القضاء اللبناني. ولكن أي قضاء؟
    في لبنان بلوى جهنمية: استلاب السلطة القضائية صلاحيتها ومنحها مجاناً للمحاكم المذهبية والشرعية. فبناء على ذلك يحدد لك الدكتور الحجار صلاحيات المحاكم الطائفية في ناحية من نواحي هذا الوطن التعس فانه تعداد بعديد الطوائف في لبنان – نجنا يا رب – ومراجعه العليا خارج لبنان. أمّا القضاء العدلي والقضاء الاداري ومثله مجلس شورى الدولة. ثم القضاء العدلي المتمثل بالمحاكم العادية من عقارية ومدنية وتجارية وجزائية، حتى بات مؤلفه «القانون القضائي الخاص» أشبه شيء ب «دليل المسافر» الذي تتزوده في بلاد تجهل معالمها من طرقات ومنازل وأماكن أثرية وسواها. فكما ان هذا  «الدليل» يقيك شر الضلال عن أهدافك ويوصلك الى غاياتك المنشودة، هكذا «دليل» الدكتور الحجار يسدد خطاك في دعواك فتسير الى حقك واعياً ثابت الروع  على درب باتت واضحة جداً لرجال القانون من محامين وقضاة وطلاب. وهنا طرأت للاخ «سعيد» رشيقة شقراء فتخلى عنا وتوارى خلفها فتأجلت الجلسة.
انتهى الجزء الاول من المقالة والمنشور في جريدة النهار بتاريخ 10/9/1984